موعظة على لسان مجنون !!!
كان أحد الشباب لا يُصلي ، ولا يعرف طريق المسجد .
وفي يوم من الأيام رآه إمام المسجد في المسجد ، فأراد أن يأخذ بيده ويشد عضده ، فزاره في بيته ، وكم دُهش عندما علِم بسبب هدايته ، ومحافظته على صلاته ، بل في صلاته تلك لأول مرة ، والتي رآه فيها الإمام .
لعلكم تتساءلون عن السبب ؟
قال صاحبنا : تعرفون المجنون ” فلان ” ؟
نعم . ومَن مِنّـا لا يعرفه ! ( مجنون – متخلّف عقلياً – مهبول … )
أشهر مجنون في القرية ! بل يُضرب به المثل !
عُرف ذلك المجنون – جنوناً لا يُرجى برؤه – بمتابعة معدات الشركات ! والجري خلف كل شركة تُصلح طريقاً ، أو تعمل في الحفريات !
يهيم على وجهه ، يجري هنا وهناك من غير غاية ولا هدف .
وقد أصيب ذلك المجنون بمرض ” السكر “
كل هذا ليس فيه غرابة .
لَفَتَ نظر ذلك الشاب في يوم من الأيام أن ذلك المجنون يتقيأ ، فخاف عليه ، لعلمه السابق بإصابته بمرض السكر ، فوقف عنده ، وقال : اركب معي ، لنذهب للمستشفى .
أتدرون بما ردّ عليه المجنون ؟؟
قال المجنون للعاقل : أنت لا تصلي !
قال : اركب . ” ما هو شغلك هذا ” .
فرد عليه المجنون . قال : لا . ما أركب معك وأنت ما تصلي … أنت كافر !!!
قال صاحبنا الشاب : اركب ، ونصلي قدّام – على الطريق – !
رد المجنون : لا … هذا المسجد ( وكان المسجد قريبا منهم )
قال الشاب : طيب … إذا صليت تركب معي .
قال المجنون : نعم .
رجع الشاب إلى المسجد القريب ، وتوضأ ، وصلى ، ثم عاد فأخذ المجنون إلى المستشفى .
وبينما هو في طريقه للمستشفى أخذ يتأمل في هذا الراكب إلى جواره
إنه ” مجنون ” وقد قال ما قال …
وأنا الذي أعتقد أني عاقل وبكامل قواي العقلية يعيب عليّ مجنون !
ثم أخذ ينظر إلى حالة تلك المجنون وثيابه
ثم يُعيد النظر ويُكرره .. في نفسه
شتّان بينه وبين المجنون
لقد كانت تلك الكلمات سبب هدايته …
بل لقد أيقظت قلبه من رقدات الغفلة .
لا غرابة أن يُجري الله الحكمة والموعظة على لسان مجنون .
وقد أيد الله إمام أهل السنة الإمام أحمد بـ ” لص عيّـار ” !
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : كنت كثيرا أسمع والدي يقول : رحم الله أبا الهيثم . غفر الله لأبي الهيثم . عفا الله عن أبي الهيثم .
فقلت : يا أبتِ من أبو الهيثم ؟ فقال : لما أخرجت للسياط ومدت يداي ، إذا أنا بشاب يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي : تعرفني ؟ قلت : لا . قال : أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرار ! مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق ، وصبرت في ذلك على طاعة الشيطان لأجل الدنيا ، فاصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدِّين . قال : فضُربت ثمانية عشر سوطا بدل ما ضرب ثمانية عشر ألفا ، وخرج الخادم فقال : عفا عنه أمير المؤمنين .
وقوّى قلبه رجل من الأعراب .
قال الإمام أحمد – رحمه الله – : ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في رحبة طوق . قال : يا أحمد إن يقتلك الحق مت شهيداً ، وإن عِشت عِشتَ حميداً ، فقوّى قلبي .
فقد يُجري الله الموعظة على لسان لصّ ، أو رجل لا يقرأ ولا يكتب ، أو على لسان صبيّ أو مجنون .
والشواهد كثيرة .
فلعلكم سمعتم بقصة الأبكم الفصيح ؟
أو بقصة تلك الطفلة التي وعظت أباها ثم ماتت بعد ساعات ؟
والله المستعان ، وعليه التكلان .
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم