ما لقيت أرض ..؟؟!! ( مشاهد واقعية )
المشهد الأول
الأول : هلا أبو محمد
الثاني : هلا أبو علي
هاه يا بو محمد ما لقيت أرض ؟؟
لا والله إلى ها الحين اندوّر !!!
المشهد الثاني
ألو
نعم
وين أنت فيه ؟؟
في دار القرار !!
بقي أن تعلموا أين دارت هذه المشاهد ؟؟
أما الأول :
فقد سمعته عقب صلاة جمعة وقد سمعنا خطبة مؤثِّرة عن الموت وسكراته
وليس هذا فحسب بل تلا ذلك الصلاة على عشر جنائز وكفى بالموت واعظاً
ثم تقابلا .. ودار ذلك الحوار
أعني الحوار الأول ..
والمشهد الثاني :
في المقبرة عبر اتصال بالجوال ، على ما في تلك الكلمة ( في دار القرار ) من ملحظ ..
إلا أن تلك المشاهد تُصوّر مدى الفغلة التي نعيشها
حتى بالموت لا نتّعظ
فبأي شيء سوف نتّعظ ؟؟
لقد كان سلف هذه الأمة إذا أرادوا وصف موقف مؤثِّر
قالوا : كأن بين أيديهم جنازة
وقد وُجِدَ مكتوبا على حجر : لو رأيت يسير ما بقي من عمرك لزهدت في ما ترجو من أملك ، ولرغبت في الزيادة من عملك ، وأقصرت من حرصك وحِيَلك ، وإنما يلقاك غدا ندمك لو قد زلّت بك قدمك ، وأسلَمَك أهلك وحشمك ، وتبرأ منك القريب وانصرف عنك الحبيب .
وقال التميمي : شيئان قطعا عني لذة النوم : ذكر الموت ، والوقوف بين يدي الله عز وجل .
وكان عمر بن عبد العزيز يجمع الفقراء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة ، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة .
وكان الثوري إذا ذُكر الموت لا يُنْتَفَعُ به أياما ، فإن سئل عن شيء قال : لا أدري لا أدري .
( ذكر ذلك المناوي في فيض القدير )
وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فيقال له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا ؟ فيقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن : القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه .
هكذا كانوا يتذكّرون الآخرة
وهكذا كان يَصنع بهم ذِكر الموت
لا أن ذِكر الموت كَذِكْرِ الولائم !
فَحذارِ عباد الله من الغفلة المُهلكة
قال سبحانه وتعالى : ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَة مَّعْرِضُونَ ) .
وقال جلّ ذِكره : ( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَة مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ) .
وقد ذم الله الكافرين بغفلاتهم ، فقال سبحانه وبحمده : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) .
وقال جل جلاله : ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) .
فلتحذري يا نفس أولا من مهالك الغفلات قبل أن تُحذّري غيرك .
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم