التلازم بين الكُفر والإفساد في الأرض وقطيعة الأرحام
هناك تلازم بين الكفر بالله ، وبين الإفساد في الأرض وبين قطيعة الأرحام
إذ الحسنة تُنادي على أختها ، والسيئة كذلك ..
فالكُفْر يدعو إلى الإفساد في الأرض ..
ومما ينبغي أن يُعلَم أن الإفساد في الأرض نوعان :
الأول : إفساد حِسِّيّ ، بالتخريب والقَتْل والدمار .
والثاني : إفساد معنوي [ وهو أشدّ ]
ولذا قال جَلّ ذِكْرُه : (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) وقال : (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) .
وسبب ذلك أن أثار القتل والدمار تزول بينما آثار الكُفر والأفكار غالباً لا تَزول ..
وانظر إلى فرعون رغم طغيانه وجبروته .. ذَهَب فرعون وذَهَب أثره !
وانظر إلى أفكار بعض فِرق الضلالة – وإن انتسبتْ إلى الإسلام – كيف ذَهَب رموزها وبَقِيَتْ أفكارها !
وهذا المعنى سبقت إليه الإشارة هنا :
الإفســــاد في الأرض
وقطيعة الأرحام من آثار ذلك الإفساد المعنوي .
ولذلك اتَّصَف المؤمن بِصِلَة الرَّحم ، ووُصِف الكافر بِقطيعة الرَّحِم ..
وقد قال ربنا – وقوله الصِّدْق – و وَعَد – ووعده حق – أن يَصِل من وَصَل رحِمه ، وأن يَقطع من قَطَع رحِمه ..
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بِحَقْوِ الرحمن ، فقال له : مه ! قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . قال : ألا ترضين أن أصِل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى يا رب . قال : فذاك . قال أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) .
وروى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الرحم شجنة من الرحمن ، فقال الله : من وصلك وصلته ، ومن قطعك قطعته . رواه البخاري .
وفي حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الرَّحِم شجنة ، فَمَنْ وَصَلَها وَصَلْتُه ، ومن قطعها قطعته . رواه البخاري .
وهذا يُبيِّنه ما في المسند وغيره من حديث عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : أنا الرحمن خَلَقْتُ الرَّحم ، وشققت لها من اسمي اسماً ؛ فمن وَصَلَهَا وصَلْتُه ، ومن قَطَعها بَـتَـتُّـه .
قال الإمام ابن جرير الطبري في التفسير :
القول في تأويل قوله تعالى : (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ )
قال أبو جعفر [ هو ابن جرير ] والذي رَغَّب الله في وَصْلِه ، وَذَمّ على قطعه في هذه الآية : الرَّحم . وقد بَيَّن ذلك في كتابه فقال تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) ، وإنما عَنَى بالرَّحم أهل الرجل الذين جمعتهم وإياه رَحِم والدة واحدة ، وقَطْعُ ذلك : ظُلْمه في ترك أداء ما ألْزَم الله من حقوقها ، وأوجب من بِرِّها ، وَوَصْلُها أداء الواجب لها إليها من حقوق الله التي أوجب لها ، والتعطّف عليها بما يَحِقّ التعطف به عليها . اهـ .
وقال البغوي في التفسير : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) فلعلكم (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أعرضتم عن القرآن ، وفَارَقْتُم أحكامه ، (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ) تَعُودُوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية ، فَتُفْسِدُوا في الأرض بالمعصية ، والبَغي ، وسفك الدماء . اهـ .
وقال القرطبي في التفسير :
اختُلِفَ في معنى (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) :
فقيل : هو من الولاية . قال أبو العالية : المعنى : فهل عسيتم إن توليتم الْحُكْم فجُعِلْتُم حُكاماً أن تُفْسِدوا في الأرض بأخذ الرّشا .
وقال الكلبي : أي فهل عسيتم إن توليتم أمْرَ الأمة أن تُفسِدوا في الأرض بالظُّلْم .
وقال ابن جريج : المعنى : فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تُفسِدوا في الأرض بالمعاصي وقَطْع الأرحام .
وقال كعب : المعنى : فهل عسيتم إن توليتم الأمر – أن يَقْتُل بعضكم بعضا .
وقيل : من الإعراض عن الشيء . قال قتادة : أي فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تُفسِدوا في الأرض بِسَفْكِ الدماء الحرام ، وتُقَطِّعوا أرحامكم .
وقيل : فهل عسيتم : أي فلعلكم إن أعرضتم عن القرآن ، وفارقتم أحكَامِه أن تُفسِدوا في الأرض فَتَعُودُوا إلى جاهليتكم .
وقال بكر المزني : إنها نزلت في الحرورية والخوارج ، وفيه بُعْد ، والأظهر أنه إنما عُنِي بها المنافقون . اهـ .
إذا فهناك تلازم بين الكُفر والرِّدَّة والنِّفاق وبين قطيعة الأرحام ، وبين الإفساد في الأرض .
قال الإمام البيهقي :
قال الله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) فَجَعَلَ قَطْعَ الأرحام من الإفساد في الأرض ، ثم أتبع ذلك الإخبار بأن ذلك مِنْ فِعْل مَن حَقَّتْ عليه لعنته ، فَسَلَبَه الانتفاع بسمعه وبصره ، فهو يَسمع دعوة الله ، ويُبصر آياته وبَيّـنَاته ، فلا يُجيب الدعوة ، ولا ينقاد للحق ، كأنه لم يسمع النداء ، ولم يقع له من الله البيان ، وَجَعَلَه كالبهيمة أو أسوء حالا منها ، فقال : (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) ، وقال في الواصل والقاطع : (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْن يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَاب (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) فَقَرَنَ وَصْلَ الرَّحم وهو الذي أمر الله به أن يُوصَل بخشيته ، والخوف من حسابه ، والصبر عن محارمه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة لوجهه ، وَجَعَلَ ذلك كله من فعل أولي الألباب ، ثم وَعَدَ به الجنة ، وزيارة الملائكة إياهم فيها ، وتسليمهم عليه ، ومدحهم له ، وَقَرَنَ قطيعة الرحم بِنَقْضِ عهد الله ، والإفساد في الأرض ، ثم أخبر أن لهم عند الله اللعنة ، وسوء المنقلب ، فَثَبَتَ بالآيتين ما في صلة الرحم من الفضل ، وفي قطعها من الوزر والإثم . وذَكَرَ سائر ما ورد في هذا المعنى أبو عبد الله الْحَلِيمِي رحمه الله . اهـ .
ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة قاطع . رواه البخاري ومسلم .
وقال : ما من ذنب أجدر أن يُعَجِّل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يُدَّخَر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وقطيعة الرَّحم من أبغض الأعمال إلى الله
فعن رجل من خثعم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في نَفَر من أصحابه ، فقلت : أنت الذي تزعم أنك رسول الله ؟ قال : نعم . قال : قلت : يا رسول الله ! أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : الإيمان بالله . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم صلة الرحم . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر . قال : قلت : يا رسول الله ! أي الأعمال أبغض إلى الله ؟ قال : الإشراك بالله . قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم قطيعة الرحم قال : قلت : يا رسول الله ! ثم مه ؟ قال : ثم الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف . رواه أبو يعلى . وقال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح غير نافع بن خالد الطاحي وهو ثقة . والحديث في صحيح الترغيب .
وكلما ابتعد الإنسان عن الإيمان قلّ الوفاء ، وازداد الجفاء !
ولذا لما ابتعد الغَرب عن الإيمان بالله عظُمَتِ الهوّة ، واتَّسَع الْخرْق ، وزاد الجفاء ، وقلّ الـبِـرّ ، ومِن ثَمّ اتّخذ القوم الكلاب لوفائها !!
قال مُحدِّثي : رأيت في عاصمة الظلام ! [باريس] قبر كلب كَتَبَتْ عليه صاحبته : خانني كل الناس إلا أنت !
وإنك لا تجِد مؤمناً بالله واليوم الآخر ، إلا وجدته واصلاً لِرَحِمِه ، غير قاطِع لها .
وقد أمر الله بِتقواه وقَرَن ذلك بِصِلَة الرَّحِم ، فقال : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ)
أي : واتقوا الله الذي تساءلون به ، واتقوا الأرحام أن تَقْطَعُوها .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : اتقوا الله الذي تساءلون به ، واتقوا الله في الأرحام فَصِلُوها .
وصِلة الأرحام سبب في تأييد الله للعبد
فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ ، فقال : لئن كنت كما قلتَ فكأنما تُسِفّهم الملّ ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دُمْتَ على ذلك . رواه مسلم .
والمـلّ هو الرماد الحار .
وليستْ صِلة الرَّحم لِمن وَصَله غيرُه فحسب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وَصَلها . رواه البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم عن قريش : ولكن لهم رحم أبُلّها بِبلالها . يعني أصِلها بِصِلَتها .
وفي المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعقبة بن عامر : يا عقبة بن عامر صِلْ من قَطَعَك ، وأعْطِ مَن حَرَمَك ، واعْفُ عَمَّن ظلمك .
وقال عمر بن الخطاب : ليس الوَصْل أن تَصِل من وَصَلَك ، ذلك القصاص ، ولكن الوَصْل أن تَصِل من قَطَعَك . رواه عبد الرزاق .
وصِلة الأرحام سبب في زيادة العمر :
وروى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن سَرّه أن يُبسط له في رزقه ، وأن يُنسأ له في أثره ؛ فَلْيَصِل رَحِمَه .
وفي رواية : من أحب أن يُبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ؛ فَلْيَصِل رَحِمَـه .
وهذه الزيادة في العُمر حقيقية ، ولا إشكال فيها .
كما أنه لا تَعارض بينها وبين كون الأعمار مُقدّرة مكتوبة .
ولا تعارض بينها وبين قوله تعالى : ( وَلِكُلِّ أُمَّة أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) .
فإن الله تبارك وتعالى أثبت زيادة الأعمار ونُقصها ، قال : ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّر وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَاب ) .
وأخبر سبحانه وتعالى أنه يَمحو ما يشاء ويُثبت ما يشاء ، فقال : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) .
والزيادة والنقص إنما تكون بما في أيدي الملائكة من الصُّحُف ، أي الذي كَتَبه الملك ، حينما كَتَب عُمر ابن آدم ورزقه وعمله وشقي أو سعيد ، كما في حديث ابن مسعود في الصحيحين .
فهذا الذي يحصل فيه المحو والإثبات .
أما ما قُدِّر في اللوح المحفوظ فهو لا يُغيّر ولا يُبدّل ولا يُمحى منه شيء .
ففي عِلم الله أن فلاناً من الناس يَصِل رَحمه ، ويكون عمره – مثلا – ستين سنة ، فإذا وصل رَحِمه بلّغه الله السبعين .
والملك يَكتب عُمر هذا الإنسان ستين سنة ، وهو في عِلم الله وزيادة فضله سبعون .
فلا يكون هناك تعارض بين الآيات ولا بين الأحاديث بعضها مع بعض .
قال الإمام الترمذي بعد أن روى حديث : صِلة الرحم محبة في الأهل ، مَثراة في المال ، مَنسأة في الأثر . قال : ومعنى قوله منسأة في الأثر : يعني زيادة في العمر .
وقال الحليمي في معناه : أن من الناس من قضى الله عز وجل بأنه إذا وَصَل رحمه عاش عددا من السنين مُبيَّنا ، وإن قطع رحمه عاش عددا دون ذلك ، فحمل الزيادة في العمر على هذا ، وبسط الكلام فيه ، ولا يخفى عليه أي العددين يعيش . نقله البيهقي في شُعب الإيمان .
وقال الإمام النووي في شرح الحديث :
وأجاب العلماء بأجوبة ، الصحيح منها :
أن هذه الزيادة بالبركة في عمره ، والتوفيق للطاعات ، وعِمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة ، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك .
والثاني : أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك ، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه ، فإن وصلها زِيد له أربعون ، وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك ، وهو من معنى قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) ويُثْبِت فيه النسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قَدَرُه ولا زيادة بل هي مستحيلة ، وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة . اهـ .
أي أن الزيادة ليست على ما في اللوح المحفوظ ، وإنما هي على ما في أيدي الملائكة من صُحُف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والأجل أجلان : أجل مطلق يعلمه الله ، وأجل مقيد . وبهذا يتبين معنى قوله صلى الله عليه وسلم : من سرّه أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه . فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلا ، وقال : إن وَصَل رحمه زِدْتُـه كذا وكذا ، والملك لا يعلم أيَزداد أم لا ، لكن الله يعلم ما يستقرّ عليه الأمر ، فإذا جاء ذلك لا يتقدم ولا يتأخر . اهـ .
وصِلة الأرحام سبب في عمران الديار وطول الأعمار
قال صلى الله عليه وسلم : صِلة الرحم ، وحُسن الْخُلُق ، وحُسن الجوار ؛ يُعَمِّرْنَ الدِّيار ، ويَزِدْنَ في الأعمار . رواه الإمام أحمد وغيره .
وصِلة الرَّحم سبب في محبة الأهل
قال ابن عمر : من اتَّقَى ربَّـه ، ووصل رحمه ؛ نُسىء في أجله ، وثَرى ماله ، وأحَـبّـَه أهله . رواه البخاري في الأدب المفرد .
والصَّدَقَـة على ذي الرَّحم أجرها مُضاعف
فالصدقة على ذي الرَّحِم صدقة وصِلة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرَّحم اثنتان : صَدَقة وصِلَـة . رواه الإمام أحمد وغيره .
وصِلة الأرحام سبب في دخول الجنة .
ففي المسند وغيره عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم انْجَفَل الناس عليه ، فَكُنْتُ فيمن انْجَفَل ، فلما تَبَيَّنْتُ وجهه عَرَفْتُ أن وجهه ليس بوجه كذّاب ، فكان أول شيء سمعته يقول : أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصِلُوا الأرحام ، وصَلُّوا والناس نيام ؛ تدخلوا الجنة بسلام .
فهذه دعوة لِصِلَة الأرحام ، وإعادة المياه إلى مجاريها ، وترك القطيعة ونبذ التقاطَع .
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم
7 – ربيع الثاني – 1426 هـ