من سير الصالحات ( صابرات … مُحتسبات )[3]
قلعة شامخة من قــلاع الصـبر
ومدرسة من مدارس تعليم الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومربية من الدرجة الأولى لتعليم الناس قدر مقام النبوة
روى ابن جرير الطبري في التاريخ عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :
مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار ، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأُحد ، فلما نُعوا لها
قالت : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قالوا : خيرا يا أم فلان . هو بحمد الله كما تحبين .
قالت : أرنيه حتى أنظر إليه ، فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت :
كل مصيبة بعدك جلل . تريد صغيرة .
المهم أن يسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولو قُتِل زوجها وأخوها وأبوها
ولسان حالها : نفسي لنفسك الفداء
أكلّ هذا الحب ؟
أكل هذا الحب كانت تُكنّه تلك الصدور لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
بل وأعظم
===========
مَنْ يقول : إن المرأة لا صبر لها ؟
أمّن يقول : إن الجزع فيهن هو الأصل ؟
أمّن يقول : إن المصائب تَذهب بالعقول ؟
والله إن الرجل ليستصغر نفسه أمام هذه المرأة التي ما ذُكِـر اسمها
ويتقالّ الصابر صبره مع صبرها
ويتحطّم كل تصنّع مع تلك السجيّـة
إن تلك المرأة لم تفقد عمّها
ولم تُفجع بوليدها
ولكن قُتِل زوجها وأخوها وأبوها
أما لو قٌتِل واحد منهم لكفى به مصيبة
فكيف بهم جميعا في موضع واحد
ومع ذلك لم يكن السؤال سوى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذا فعل ؟
أين من جزعت ؟
أين من تسخطت ؟
أين من ولولت ؟
أين من بكت وشقّت جيبها ؟
أين الثكالى ؟
أين … وأين ؟؟؟
لا أين ولا من أين !
أين من فقدت وليدها … ولديها ثلاثة أو أربعة ؟؟؟
فبكت حتى احمرت أحداقها
أين من ناحت على فقد أبيها … ولديها زوج وأولاد وإخوان ؟؟؟
أين من تشق جيباً ( لا ذنب له ) لفقد عزيز ؟؟؟
أما لهن في هذه وغيرها من قلاع الصبر أسـوة حسنة ؟؟؟