مِن سير الصالحات (صابرات … محتسبات )[2]
قلعـة صبر أخـــرى
رغم أنه ابنها البـار بها
وقد فقدته
وفقد الابن البار صعب على نفس الأم
هذه أم حارثة
وهي الرُّبيِّع بنت النضر أخت أنس بن مالك رضي الله عنها وعن أخيها
جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر
فقالت :
يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة ؟ – وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب – فإن كان في الجنة صبرتُ ، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء .
قال : يا أم حارثة إنـها جنان في الجنة ، وإن ابنك أصاب الفـردوس الأعلى . رواه البخاري .
حارثة كان بارّاً بأمه
فما بلغ من برِّه بها ؟
قالوا : كان يُطعمها بيده
وأين أوصله برّه ؟
أوصله إلى الفردوس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينا أنا أدور في الجنة سمعت صوت قارئ فقلت من هذا ؟
فقالوا : حارثة بن النعمان
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذلكم البر . كذلكم البر .
قال : وكان أبرَّ الناس بأمِّه . رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، وهو كما قال .
هذه أم حارثة
فقدت فلذة كبدها
وابنها البارّ
ومع ذلك تسأل بكل هدوء :
فإن كان في الجنة صبرتُ ، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء .
ياله من أدب مع مقام النبوة
ويالها من امرأة صابرة محتسبة
احتسبت مقتله في سبيل الله
أما القتل فقد قُـتِل
غير أن ما أهمها هو مصير ابنها ومآله بعد مقتله
فإن كان في الجنة فسوف تصبر وتتصبّر
وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء لا جزعا على فقده
ولكن جزعا على مآله ومصيره .
اللهم ارض عنها وأرضها .