من عجائب المخلوقات ( قرأت ورأيت )
من عجائب المخلوقات
أما أحدهما فسمعته
وأما الآخر فرأيته
أما الذي سمعته فهو ما رواه أبو الزبير عن جابِر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : بَعَثَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ نَتَلَقّىَ عِيراً لِقُرَيْش ، وَزَوّدَنَا جِرَاباً مِنْ تَمْر لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ . فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً .
قال أبو الزبير : فَقُلْتُ : كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بهَا ؟
قال : نَمَصّهَا كَمَا يَمَصّ الصّبي ، ثُمّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ ، فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إلَى اللّيْلِ ، وَكُنّا نَضْرِبُ بعِصِيّنَا الْخَبَطَ ، ثُمّ نَبُلّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ .
قال : وَانْطَلَقْنَا عَلَىَ سَاحِلِ الْبَحْرِ ، فَرُفِــــعَ لَنَا علَىَ سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضّخْمِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَإذَا هِيَ دَابّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ . قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : مَيْتَةٌ ، ثُمّ قَالَ : لاَ بَلْ نَحْنُ رُسُـلُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَفِي سَبيلِ اللّهِ ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا .
قال : فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْراً ، وَنَحْنُ ثَلاَثُمِائَة حَتّىَ سَمِنّا .
قال : وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْـبِ عَيْنِهِ بالْقِلاَل الدّهْنَ ، وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الْفِدَرَ كَالثّوْرِ ( أَوْ كَقَدْرِ الثّوْرِ ) ، فَلَقَدْ أَخَذَ مِنّا أَبُوعُبَيْدَةَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْـبِ عَيْنِه ِ، وَأَخَذَ ضِلْعاً مِنْ أَضْلاَعِهِ فَأَقَامَهَا ، ثُمّ رَحَـلَ أَعْظَمَ بَعِير مَعَنَا ، فَمَرّ مِنْ تَحْتِهَا .
وَتَزَوّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ ، فَلَمّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ . فَقَالَ : ” هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللّهُ لَكُمْ . فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا ؟ “
قال : فَأَرْسَلْنَا إلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فَأَكَلَهُ . رواه البخاري ومسلم .
معاني الكلمات :
الخَبَط : ورق شجر السَّـلم .
الكثيب : الرمل المستطيل المحدودب .
الوقب : حفرة العين في عظم الوجه .
الفِدَر : هي القِطَـع .
الو شائق : هو اللحم يؤخذ فيغلى إغلاء ولا ينضج . وقيل : هو القديد .
وأما الآخـر من عجائب المخلوقات فرأيته في مدينة ( سانسيباستيان )
وتلك المدينة في أسبانيا على الحدود مع فرنسا .
يوجد تحت ساحل البحر جزء مقتطع من البحر بحيث يرى الداخل أعاجيب المخلوقات البحرية .
ويدخل مع أنفاق زجاجية يرى من خلالها الأسماك المختلفة .
وقد وُضِع في مدخل تلك الأنفاق هيكلا عظمياً لحيوان بحري يُشبه ما يُسمّى ( أم الربيان ) !
له مسّـاكتان أماميتان يُشبهان نصف القوس
( تُشبه أيدي السرطان البحري )
وقد وُضعت تحته صورته إبان اصطياده وكُتب العام الذي تم اصطياده فيه ، وهو بعد سنة 1800 م
ولكي يتبيّن كِبر حجم ذلك المخلوق عُـلِّـق فوقه قارب صغير ، والقارب أصغر منه بكثير
وأظن أن طوله يتجاوز العشرة أمتار !
وقد أُخرج النخاع الشوكي لذلك المخلوق البحري الضخم ووُضِع بدلا منه أنبوباً حديدياً ( ماصورة ) مقاس ( 2 إنش )
الضلع من أضلاعه يملأ قبضة الرجـل !
ولما رأيته ذكرت أصحابي آنذاك بما حدّث به جابر رضي الله عنه ، في قصة العنبر .
تمنّيت يومها أن معي آلة تصوير لتصوير ذلك الهيكل العملاق الضخم
وصدق الله : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) .
( وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم