مناصحة صاحب منكر
سعادة الأستاذ،،،أصلح الله قلبه وهداه ووفقه ..
أكتب لك هذه الرسالة ونحن في الأشهر الْحُرُم ، التي قال الله في شأنها : (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) وهذا ” تعظيما لأمرها وتغليظا للذنوب فيها وإن كان الظلم ممنوعا في غيرها ” كما قال ابن جُزيّ في تفسيره .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) في كُلِّهن ، ثم اخْتَصّ من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما ، وعَظَّم حُرُمُاتِهِنّ ، وجَعَلَ الذَّنْب فيهن أعظم ، والعمل الصالح والأجر أعظم .
وقال قتادة في قوله : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم في سواهما ، وإن كان الظلم على كل حال عظيما ، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء .
وقد رأيت ما يُنشَر في موقعكم من مُحَرّمات ومُنكَرات ( صور – أغاني .. ) ألا ترى – وفّقك الله – أن هذا أمرٌ عَظيم في سائر السَّنَة .. فكيف به ونحن في الأشهر الْحُرُم التي عظّمها الله ؟ثم ألا ترى أن أحدنا لا يستطيع حَمْل ذنوبه .. فكيف يَحمِل ذنوب غيره ؟بل كيف له بِحمل ذنوب المئات بل الآلاف وربما الملايين .. ممن تَصِلُهم رسائل المجموعة ؟
قال تبارك وتعالى : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ)
فتَنَبَّـه ..إن كل صورة تُنشَر .. وكل مَقْطَع يُرسَل، وكل مَفتون افتتن بالصور والأفلام التي تَصْدُر عنكم
وكل فاحشة تَقَع بِسبب تلك المجموعة، بل كلّ نَظْرَة إلى صورة مُحرّمة
على صاحِب الموقع مثل آثامها ، ويَتَحمّل مثل أوزار وذنوب أصحابها .. لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” ومَنْ سَنَّ في الإسلام سُـنَّـة سيئة كان عليه وِزْرُها وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ” رواه مسلم .
ثم تذَكَّر – ونحن في أشهر الحج الْمُحرَّمة ( ذي القعدة وذي الحجة ) عِظَم ذنب من أحبّ أن تشيع الفاحشة في المؤمنين .. وقد توعّد الله جل جلاله من أحبّ إشاعة الفاحشة في المؤمنين بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.
قال عَزّ وجَلّ : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) . قال الإمام السمعاني في تفسير الآية : يعني أن تَذيع وتَشْتَهِر .وقال البغوي في تفسير الآية : يعني يُظْهِر ويُذِيع الزِّنـا .
وأي إذاعة للفاحشة وإشهار وإظهار أكثر من إظهارها بالصوت والصورة وبالصور الملوّنة؟! فلا تَكُن من الذين يُحبُّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا . ولا تكُن من الذين يَحْمِلون أوزراهم وأوزار الذين يُضِلّونهم أو يَفتِنونهم ..
ومَن تابَ تابَ الله عليه .. قال تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وقال جل جلاله : (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يَبْسُط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها . رواه مسلم .
فهذه دعوة إلى التوبة والإنابة إلى الله .. خاصة ونحن نُقبِل على عشر مُبارَكة ، وأيام فاضلة ، وهي عشر ذي الحجة .. وليس بينك وبين التوبة إلى الندم على فات .. وإنهاء هذه المنكَرات .. والعزم على عدم العودة إليها .. وإن أرسَلْتَ رسالة إلى أعضاء ( المنتدى ) لِتُكفِّر عما كان فهو أحسن وأولى .. فَتُبيِّن لهم رجوعك عن هذا الأمر ، وتخلِّيك عن تبِعاته ..
أخيراً :
اعلم – علّمك الله – أني لا أعرفك – ولا يضرّك أني لا أعرفك – وإنما كتبت ما كتبت حرصا عليك .. وعلى مجتمعات المسلمين .. وأسأل الله أن يَجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشرّ .. وأن لا يَجعلنا مفاتيح للشرّ مغاليق للخير ..
تََكْفَى تَرى ( تكفى ) تهزّ الرجاجيل !!
تَكفى .. أنقِذ نفسك ..
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم