ما الذي أغضبك أبا بحـر ؟!..
أبا بحـر عهدتك حليما غاية في الحِلم
بل عهدتك يُضرب بحلمك المثل
ألست إذا غضبت غَضِب لغضبك مائة ألف من قومك لا يدرون فيمَ غضبتَ ؟
لأنهم يعلمون أنك لا تغضب إلا إذا بلغ السيل الزُّبـى
بل إنك لُطمت فما غضبت
فما بالك اليوم غضبت فأغلظت القول لجلسائك ؟
أبو بحر هو الأحنف بن قيس رحمه الله
أتدرون لِـمَ غضِب ؟
لأن مجلسه أصبح كمجالسنا اليوم !
لأن مجلسه أصبح وصفاً لشهوات النفس المباحة
فكيف لو كان وصفا للشهوات لمحرّمـة ؟؟
جلس الأحنف بن قيس مجلساً فكثر فيه ذكر شهوات البطن والفرج ، فقال لجلسائه : جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام ، إني أبغض الرجل يكون وصّـافاً لفرجه وبطنه .
والمقصود بذلك الإسفاف في الحديث الذي ينبغي أن تُصان عنه المجالس .
وأسوأ ما يكون الإسفاف إذا كان بحضرة صغار السنّ الذين ربما نقلوا بعض الكلام للنساء أو لمعلميهم !
والطفل وإن لم يتكلّم في حينه إلا أنه يُخزّن تلك المعلومات ! وربما سأل عنها أو عن بعضها في موقف لا يُحسد عليه الأب ، حتى يتصبب عرقاً !
إيه أبا بحـر غضبتَ وحُق لك أن تغضب !
غضبت وكنت بطيء الغضب ولا تُغضب إلا في موضع يستحق الغضب
نَهَرْتَ وكُنت لا تَنْهَر !
أين أنت أبا بحـر عن بعض مجالسنا ؟
أين أنت عنها يوم أن طغى حديث عقار ” الفياجرا ” عليها ؟!
أين أنت منها يوم لا يكون الذِّكر للنساء أو للطعام ، بل ربما للسوءات ؟
وإني لأحسب أن مجالس بعض النساء لا تخلو من بعض ذلك
حتى قيل لي : إن في بعض الأُسر المترفة يكون حديث النساء في المباهاة بالسائقين وجمالهم !
ولو شهدهن الأحنف لقطع ألسنتهن !
ولكن الله صانه عن مثل هذه الرذائل .
وأسوأ ما يكون ذلك الحديث الذي تُقضى به المجالس وتُقطع به الأوقات – أسوأ ما يكون – إذا كان لنشر أسرار الحياة الزوجية ، خاصة منها ما يقع بين الزوج وزجه .
خطب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أقبل على الرجال فقال : هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه ، وألقى عليه ستره واستتر بستر الله . قالوا : نعم . قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول : فعلت كذا ، فعلت كذا ؟ فسكتوا . فأقبل على النساء فقال : هل منكن من تُحدِّث ؟ فسكتن ، فَجَثَتْ فتاة كعاب على إحدى ركبتيها ، وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها ، فقالت : يا رسول الله إنهم ليتحدثون ، وإنهن ليتحدثنه . فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ فقال : إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانا في السكة فقضى منها حاجته والناس ينظرون إليه . رواه أبو داود .
فللبيوت أسرار
وبين الزوج وزوجه أسرار
ثم إن هذا التحدّث ربما أغرى بعض السفهاء وضعاف الإيمان بالمرأة الموصوفة
ولذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصف المرأة الأجنبية لزوجها
فقال عليه الصلاة والسلام : لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها . رواه البخاري .
أي لا تصفها لزوجها فتقع من قلبه موقعاً فيُفتن بها .
أخيراً :
لا أعني مُجرّد ذِكر النساء في المجالس ، فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة
وهن رياحين الدنيا
إن النساء رياحين خُلقن لكم = وكُلكم يشتهي شم الرياحين
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم