رد على أحد الكتّاب( عن حقوق المرأة وظلمها )
كتب أحد الأخوة في منتديات مشكاة قائلا :
من ينبري لهذا الخبيث ويرد على موضوعه (أتمنى قراءة موضوعه الخبيث)
كنت أتصفح أحد المنتديات وشدني موضوع هذا الخبيث وكيف يدس السم في العسل فأتمنى من إخواننا طلبة العلم الرد مدعماً الرد بالأدلة
نسأل الله أن يجعله في موازين أعمالكم وإليكم الموضوع
ـــــــــــــــ
قال الكاتب :
المرأة السعودية كائن خنوع ذليل مستلب .. والسبب السلفية
هل فكر الرجلُ منكم مرة ماذا لو أن الله جل وعلا ابتلاه وخلقه امرأة سعودية ؟ ..
هذا السؤال كثيراً ما دار في ذهني ، وأنا أفكر في مدى الظلم و الإجحاف و التمييز العنصري الذي تئن من تبعاته المرأة ، وبالذات في المجتمع السعودي ، وكيف أنها تعيش في وسط يعتبرها كائناً من الدرجة الثانية ، وبلا حقوق ، مع أن عليها من الواجبات و المسؤليات والقيود ما لا يمكن أن يتحمله بشر ..
ومجتمعاتنا هي مجتمعات ذكورية ، حيثُ يصبح الرجل فيها هو المسيطر ، فهو الذي يسنُ القوانين ، ويرسخ الأعراف ، ويجذر العادات والتقاليد . وهوالحاكم والقاضي و الجلاد في الوقت ذاته . والرجل ينطلقُ في ذلك كله ليس لتحقيق تفوقه وسيادته وتسلطه فحسب ، وإنما أيضاً من أجل أن يُحيلَ المرأة إلى كائن مستعبد لخدمته وتحقيق رغباته ومتعه الحيوانية ، تماماً كما كان ” الرقيق ” في عصور الرق و العبودية ..
أما المسؤولُ الأول و الأخير فهو الفكر السلفي المتخلف ، والذي هو العقبة الكأداء الحقيقية التي تقف أمامنا وأمام التحضر ، والهروب من قاع التخلف إلى مواكبة الركب الحضاري العالمي ..
السلفيون ليس لديهم لإهانة المرأة و إستعبادها إلا أحاديث أحادية ، إذا ما توليتها بالتفكير والتمحيص و المقارنة ، تجدها تختلف أول ما تختلف مع الإسلام في توجهاته و مراميه ومقاصده السامية ..
جاء في مسند أحمد هذا الحديث : (عن أبي ذر قال : يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل “المرأة والحمار والكلب الأسود” . قال : قلت لأبي ذر : ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر قال يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال : الكلب الأسود شيطان ) . والغريب أن أباذر لم تهمه المرأة ، بقدر ماهمه لون الكلب ، وكأنه يقول ليس موضع التساؤل في الحديث أنه ساوى بين المرأة والحمار و الكلب الأسود ، وإنما لماذا الأسود تحديداً . فأجابه راوي الحديث : بأنه شيطان ! ، معنى ذلك أن المرأة ايضاَ شيطان !! .. وإذا كانت المرأة شيطان ، فهل يعقل أن تكون ـ مثلاً ـ أم المؤمنين عائشة شيطان ؟ . غير أنها الثقافة البدوية التي تسربت إلى ثقافتنا الدينية وجعلتها مسخاً يندى له جبينُ كل إنسان متحضر ، لمصلحة أن يتفوق الرجل ، وُيبقي المرأة كما كانت في تراثه قبلً الإسلام ، ملكَ يمين يتصرف بها كما يتصرفُ في جماله و أغنامه و حميره ومتاعه . وهذا الحديث بالذات تنبهت إلى مدلولاته أم المؤمنين عائشة منذ ذلك الوقت ، وقالت في لهجة إعتراضية رافضةً هذا الحديث : ( ساويتم بيننا وبين الكلاب و الحمير ؟ ) ، غير أن هذا الحديث لم يمنع الحنابلة السلفيون من إعتبار المرأة والكلب و الحمار تقطع صلاة المصلي ..
ويقول حديث آخر في صحيح البخاري عن أبي هريرة : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج ) . ولاشك أن العوج هو في ذهن من إفترى على أبي هريرة وقـَـوله مثل هذا الحديث ، وإلا فكيف يستقيم هذا الحديث مع حديث آخر نصه : ( خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء . أي عائشة ) . فهل يقبل العقل و المنطق و الدين أن نأخذ نصف ديننا من إنسان أعوج ! ..
ثم تتلفت يمينك و شمالك ، فتجد أن بني سلف ، قد غمموا المرأة من الرأس وحتى أخمص القدمين ، حتى أطرافها غلفوها بالقفازين !، واعتبروا أن الحجاب في الإسلام يقتضي إتباع عاداتهم وتقاليدهم البدوية القروية المتخلفة ، وكأن الإسلام قد نزلَ في “بريده” نصرة لأهلها ولعاداتهم وتقاليدهم .. ولا تلبث إلا أن تقرأ هذا الحديث في موطأ الإمام مالك : ( حدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ) . ثم يأتي تعليق الإمام مالك على هذا الحديث ليقول : ( المرأة عورة إلا الوجه والكفين ; ولذلك يجب عليها ستر جميع جسدها في الصلاة وغيرها ولا تعلق للإحرام بالعورة . ) . فتتساءل : وما سبب إذن تلك المناظر المخزية ، والمتزمتة، والبشعة ، التي كممت المرأة وألبستها حتى القفازين ، وأظهرتها وكأنما هي كيس من الفحم الأسود ، رغم أن الأدلة الدينية تقول بخلاف ذلك . ولكنك تكتشف في النهاية أن دينهم و أعرافهم و أحكامهم الدينية التي يزايدونَ عليها ماهي إلا إفراز ونتيجة لرغبات جنسية مريضة ، ضاربة في أعماقهم ، لاترى المرأة إلا من خلال شهوة شبقة نهمة لاتقف عند الوجه، وإنما تمتد حتى إلى الكفين ! . أما ما يأمرُ به الإسلام فشيء آخر كما ترون . وهذا ما يقوله أيضاً حتى علماؤهم مثل الشيخ الألباني ، الذي أفتى هو ايضاً بأن الحجاب لا يعني غطاء الوجه ، فضلاً عن بدعتهم الجديدة القفازين ! .
وليس أدل على رغبتهم في إمتلاك المرأة ، والتصرف بها تصرف الملاك في أملاكهم ، إلا منعهم إياها من حق التنقل و الحركة ، عندما (( حرموا )) عليها قيادة السيارة . ومنعوها من السفر ، حتى وإن كان لأقل من يوم وليلة ، إلا بموافقة وليها الرجل ، وهم بذلك يوثقون ” رباطها ” تماماً كما يوثقون رباط بهائمهم وبغالهم وحميرهم و يقيدونها منعاَ لحركتها وتنقلها . بل هاهم يقفون أمام حقها في العمل و التكسب فيحرمونه بدعوى منع الإختلاط . والأدهى و الأمر أنهم يسلبونَ حقها حتى في “الهوية ” التي هي حقٌ طبيعي للإنسان في كل أصقاع الدنيا ، بحجة حرمة الصورة في بطاقات الهوية ! . غير أن حقيقة غاياتهم و أهدافهم هي في الحقيقة منع إستقلال المرأة ، وإبقاء “تبعيتها” للرجل كما كانت منذ قرون ، لتكون رسالتها في الحياة مجرد آنية لتفريغ الشهوات ، وخادمة تطبخ وتكنس وتنظف ، و ” حرمة ” ودود ولود تمارس وظيفتها الفسيولوجية في إستيلاد البنين والبنات ، وليس أبعد من ذلك ! ..
انتهى كلامه عليه من الله ما يستحق
—————–
فكتبت ردًّا عليه :
الحمد والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم
أما بعد : فقد قرأت ما نقله الأخ الذي رمز لاسمه بـ ( مجاهد في سبيل الله ) ونسأله سبحانه أن يجعله كذلك .
قرأت ما نقله الأخ الفاضل عن كاتب المقال أعلاه .
فأقول – مستعيناً بالله – :
أولاً : أسأل الله أن يهدي كاتب ذلك المقال ، ويُنير بصيرته إن كان أهلاً لذلك .
ثانياً : مقاله حوى مغالطات مكشوفة ، وسوف أرد عليه فيها وأبيّن الصواب – سائلا الله التوفيق والسداد – .
قال الكاتب : ((( وأنا أفكر في مدى الظلم و الإجحاف و التمييز العنصري الذي تئن من تبعاته المرأة ، وبالذات في المجتمع السعودي ، وكيف أنها تعيش في وسط يعتبرها كائناً من الدرجة الثانية ، وبلا حقوق ، مع أن عليها من الواجبات و المسؤليات و القيود ما لا يمكن أن يتحمله بشر )))
أقول :
المرأة في الإسلام شقيقة الرجل ، وبهذا نطق الصادق المصدوق صلى الله عليه على آله وسلم حيث قال : النساء شقائق الرجال . رواه الإمام أحمد . وأصله في الصحيحين .
والمرأة في المجتمع السعودي لا تُعتبر كائنا مِن الدرجة الثانية إلاَّ عند المتكبرين ، أو الرعاع ، وهذا لا يُحسب على تَوَجّه مُجْتَمع بأكمله .
فالمرأة تُعامل كما يُعامَل الرجل سواء في التملّك أو في البيع والشراء أو في المحاكم وفق شرع الله .
وتعال ننظر بعين إنصاف من الذي ينظر هذه النظرة .
أهو المجتمع السعودي المتدين عموما ، أم هو المجتمع الغربي ؟؟؟ الذي يعتبره البعض أُسْوة وقُدوة إذ يجب أن تكون عندهم المرأة في الصحراء كالمرأة في أوربا !
تلبس البنطال وتَرعى الغنم !!!
ولن أتحدث عن الغرب ( أمريكا وأوربا ) حديث مُتحامِل ، بل بما نَطَق به عقلاؤهم ، أو خطّـته أيديهم ، أو رَقمته إحصائياتهم .
شرح الكاتب الدانمركي (Wieth Kordsten ) اتجاه الكنيسة الكاثوليكية نحو المرأة بِقوله : ( خلال العصور الوسطى كانت العناية بالمرأة الأوربية محدودة جدا تبعا لاتجاه المذهب الكاثوليكي الذي كان يعد المرأة مَخْلُوقا في المرتبة الثانية ) !!!
وفي فرنسا عُقِد اجتماع عام 586 م يَبحث شأن المرأة ، وما إذا كانت تعد إنسانا أو لا تـُـعـدّ إنسانا ؟
وبعد النقاش : قرر المجتمعون أن المرأة إنسان ، ولكنها مَخلوقة لِخِدْمة الرَّجُل !
وقد نصت المادة السابعة عشرة بعد المائتين من القانون الفرنسي على ما يلي : ( المرأة المتزوجة – حتى لو كان زَواجها قائما على أساس الفَصْل بين ملكيتها وملكية زوجها- لا يجوز لها أن تَهَب ، ولا أن تَنْقل ملكيتها ولا أن تَرْهن ، ولا أن تملك بِعوض أو بغير عوض بدون اشتراك زوجها في العقد أو موافقته عليه موافقة كتابية) .
وفي انجلترا حَـرّم هنري الثامن على المرأة الإنجليزية قراءة الكتاب المقدَّس ! وظلت النساء حتى عام 1850م غير مَعدودات من المواطنين ، وظللن حتى عام 1882م ليس لهن حقوق شخصية .
[[[[[[ لم يكن هذا في نَجْـد بل في أكبر دول أوربا ]]]]]]
لم نـرَ من هذا الكاتب أو من يُوافقه هجوما صارخا على مثل هذا .
لماذا ؟؟؟
لأنه صُنِع في أوربا !
هذه الحقيقة المُــرّة لا غير .
ثم تعال نقف مع شيء من شهادات عقلاء القوم .
هذا أحد علماء الإنجليز وهو ” هلمنتن ” يقول : إن أحكـام الإسلام في شـأن المـرأة صريحـة في وَفْـرة العنايـة بِوقـايتهـا من كـل مـا يُؤذيهـا ويُشين سمعتـها .
وهذه صحيفة ( المونيتور الفرنسية ) تقول :
قد أوجـد الإسـلام إصلاحـا عظيما في حالـة المرأة في الهيئـة الاجتماعية ، ومما يجب التنويـه به أن الحقـوق الشرعيـة التي منحها الإسلام للمرأة تفوق كثيرا الحقوق الممنوحة للمرأة الفرنسية .
وهذه الدكتورة ” ايلين ” تقول : إن التجـارب أثبتت أن عودة المـرأة إلى ( الْحَرِيم ) هو الطريقـة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد مِن التّدهور الذي يسير فيه .
وهذا ما قاله اللورد ” بـيرون ” : لو تفكّرت أيها الْمُطَالِـع ، لَعَلِمْتَ أن الحالـة الحاضرة للمـرأة الغربية لم تكن غَير بَقية مِن هَمَجيّة القـرون الوسطـى عند الغربيين ، حالـة مُصْطَنَعَة مُخَالفـة للطبيعة ، ولرأيت معي وُجـوب إشغال المرأة بالأعمال المنزلية ، مع تحسين غذائها وملبسها فيه ، وضرورة حجبها عن الاختلاط بالغير وتعليمها الدِّين .
هذا ما يشهد به عقلاء القوم قبل سفهائنا !!!
وأما زعمه أن المرأة في المجتمع السعودي بلا حقوق ، فهذه محض فرية .
أليست المرأة في الإسلام لها من الحقوق أكثر من الرجل عندما تكون أُمّـا وزوجة في الوقت نفسه ؟؟؟
وفي شرعنا : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك . أمك . أمك . ثم أبوك . كما في الصحيحين .
أليست زوجة لها حقوقها الْمُقَرَّرَة شَرْعا ؛ من السكنى والنفقة والكسوة والعشرة بالمعروف ؟؟؟
أليست تَتَعلّم وتَعمل في ضوء الشريعة ؟؟
إن كان الهجوم على الإسلام والتمسّك به فليُصرّح به كاتبه !
وإن كان هجوما على السلفية ، فهي أكثر الناس حرصا على التمسّك بالكتاب والسنة .
وليس معنى وجود حالات مخالفة لشرع الله أن ذلك نتيجة لاتِّباع منهج ومذهب سلف هذه الأمة من الصحابة فمن بعدهم .
أم القصد إخراج المرأة إلى أن تُصبح عامِلة نظافة يُرْثَى لِحَالها إن كانت قبيحة !!
وراقِصة وغَانية وعاهِرة إن كانت جميلة !
ووالله لقد رأيت بعيني ما تعيشه المرأة الغربية مِن بُؤس وشَقاء .
حتى رأيت امرأة كبيرة تركب ما يُسمى ( الاسكوتر ) كل صباح لتذهب إلى عملها ، فسألت حينها عما تعمله تلك المرأة كل صباح .. أهو على سبيل الرياضة ؟! فقيل لي : لا ، بل هذا ما تفرضه عليها طبيعة الحياة هنا ، إذا المواصلات مُكلِفة ، وظروف الحياة قاسية ، ولا بُدّ لها مِن كسب لُقمة العيش !
كنت أتذكّر تلك الأمنيات الغاليات الغائبات لنساء غربيات عاقلات تمنّين لو عِشْنَ حياة امرأة شرقية ( عربية ) .
وهذه نماذج وأمثلة ، تجدها هنا :
ثم إن نظرة المجتمع السعودي أو تعامله مع المرأة ليست كما صُوِّرَت
فخذ – على سبيل المثال – هذه نظرة سَلَفِيَّة إلى المرأة
هنا :
شاوروهـنّ واعصوهـنّ !
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=100
وهذه أخرى
وهذه ثالثة :
شهادة الدكتوراه أم شهادة الزوج ؟!
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6457
وهذه نظرة رابعة :
ذهـبت ربـّـات البيوت بالأجــور … !
وأما قوله :
((( ومجتمعاتنا هي مجتمعات ذكورية ، حيثُ يصبح الرجل فيها هو المسيطر ، فهو الذي يسنُ القوانين ، ويرسخ الأعراف ، ويجذر العادات والتقاليد . وهو الحاكم والقاضي و الجلاد في الوقت ذاته . والرجل ينطلقُ في ذلك كله ليس لتحقيق تفوقه وسيادته وتسلطه فحسب ، وإنما أيضاً من أجل أن يُحيلَ المرأة إلى كائن مستعبد لخدمته وتحقيق رغباته ومتعه الحيوانية ، تماماً كما كان ” الرقيق ” في عصور الرق و العبودية )))
فليس بصحيح .
لماذا ؟؟
وكيف ؟؟
أما لماذا ؟ فلأن للمرأة دور أكبر من أن يُقدّر بثمن ، حتى وهي في بيتها .
وأما كيف ؟ فالواقع يشهد أن المرأة تُوجد في كل مكان ، سواء ساغ وُجودها فيه أوْ لا يسوغ !
نَشَرَت مجلة البنات في مقال لها جاء فيه :
لقد كانت المـرأة في الغرب تُنَادِي بِتحريرها من عقدة المجتمع الذكـوري وسيطرة الرجل ، ثم بدأت تُطالب بـ ” المسـاواة ” بمفهومها الشمـولي ، وبعـد فترة من الزمن إذا بتلك المجتمعات تتحول إلى مُجتمعات أُنثوية ! تَستقبلك فيها المرأة منذ صُعودك على متن الطائـرة وحتى استقبالك في الفندق ! وبـدأ يَتَلاشى دَور الرجـل ، وقد يَجـد أولئك الذين يُنَـادُون بتحرير المـرأة أنفسهم يومـا ما يُنادون بـ تحرير الرجل ! انتهى .
ثم أنحى الكاتب باللائمة على الفكر السلفي المتمثل بالتمسك بالكتاب والسنة فقال :
((( أما المسؤولُ الأول و الأخير فهو الفكر السلفي المتخلف ، والذي هو العقبة الكأداء الحقيقية التي تقف أمامنا وأمام التحضر ، والهروب من قاع التخلف إلى مواكبة الركب الحضاري العالمي .. السلفيون ليس لديهم لإهانة المرأة و استعبادها إلا أحاديث أحادية ، إذا ما توليتها بالتفكير والتمحيص و المقارنة ، تجدها تختلف أول ما تختلف مع الإسلام في توجهاته و مراميه ومقاصده السامية .. )))
دندن الكاتب حول ( أحاديث أحادية ) وأجزم أنه لا يعرف كيف تنطق هذه الكلمة !
ولا يَعرِف ما هي أحاديث الآحـاد ؟؟؟
ولا ما هو قول أهل السنة فيها ؟؟؟
بدليل أنه استدل بحديث موضوع بعد ذلك !!!!
فالذي يرد أحاديث الآحــاد يورِد حديثا موضوعا ، مكذوبا على رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم ؟؟؟؟
أليس هو من استدل فقال :
فكيف يستقيم هذا الحديث مع حديث آخر نصه : ( خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء . أي عائشة )
وهذا تناقض عجيب أن يَرُدّ أحاديث الآحاد ويستدل بالموضوعات المكذوبات !!!
لقد أَبَى الكاتب إلا أن يُعلن عن إفلاسه مِن العِلم !
ولقد أَبَى إلاَّ أن يَحشر نفسه مع زُمْرة الكذابين الذين يَكْذِبون على رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم .
ولا أدري هل الكاتب يُريد انتقاد السعودية ووضع المرأة فيها ؟
أم أنه يُريد أن ينتقـد دِين الله عز وجل فيُجهز على أحاديث الصحيحين بِحُجّة أنها أحاديث آحـاد ؟؟
كما أجهز أسلافه مِن قَبله على القرآن والسنة
فالمعتزلة حَكَّمُوا عقولهم أ فأدّاهم ذلك إلى القول بأن القرآن مخلوق ! وبأن السنة أحاديث آحــاد !
وهكذا يُهْدَم الإسلام ، فليس هناك شيء فوق النقد عندهم ، وإن كان كتاب الله وسنة نبيِّـه صلى الله عليه على آله وسلم !
والرافضة ردّت الكتاب والسنة بهذه الطريقة ، فالقرآن عند أكثرهم مُحَرَّف ! والسنة أصلاً لا يعترفون بها !
والصوفية اعتمدوا على ( حدّثني قَلبي عن ربي ) !
وهكذا يُريد الكاتب شاء أم أبى !
فهو بعد أن وجّـه هجومه على وضع المرأة في السعودية كَمَدْخَل ، وجّـه النقد بعد ذلك على السنة !
ليكشف الكاتب عن حقيقة وجهه وليَنْزِع القناع !
وقد أبى الكاتب إلاَّ أن يكشف لنا عن بعض حقيقة مَرَاميه ومَقاصده ، حيث يُدندن في الأخير على مسألة قيادة المرأة للسيارة !!!
إذاً الهدف الأول : إخراج المرأة وتحريرها مِن كل فضيلة وأدب وخُلُق فاضِل !
ولماذا لم يُوجِّـه النقد إلى الغرب الذي امتهن المرأة في كل مهنة ، فلم يَعُد لها حق فيما جَبلها الله عليه ودَعت إليه الفطرة ، ليس لها حق في التربية والأمومة ، إلا نادرا ؛ لأنها هي والآلة سواء !!!
ثم إني أتساءل :
ما علاقة الأحاديث النبوية التي ينتقدها الكاتب بالسلفية أو بقيادة المرأة للسيارة ؟؟؟؟
ثم انتقد الكاتب حديث : يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل آخِرَة الرَّحل ” المرأة والحمار والكلب الأسود . الحديث .
وعزاه لِمُسْنَد أحمد ، وهو في صحيح مسلم .
وإنما أُتـيَ ودَخَل عليه النقص مِن سُوء فَهمه ، ولو فَهِم المراد – بل لو فهم لغة القرآن – لَمَا قال ما قال .
نعم . صحيح أن عائشة رضي الله عنها اعترضت على المساواة ، واستدلّت بِفِعْلها بين يدي النبي صلى الله عليه على آله وسلم .
بدليل أنها سألت ابن أختها عروة بن الزبير فقالت : ما يقطع الصلاة ؟ قال فقلنا : المرأة والحمار . فقالت : إن المرأة لدابة سوء ! لقد رأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مُعْتَرِضة كاعتراض الجنازة وهو يصلي . رواه مسلم .
وعائشة رضي الله عنها حدّثت بما عَلِمَت ، وأبو ذر حَدَّث بما سَمِع .
ونظائر هذا وأشباهه كثيرة يكفي منها أن حذيفة رضي الله عنه حدّث عن النبي صلى الله عليه على آله وسلم أنه بال قائما وحذيفة خلفه ، وعائشة نَفَتْ ذلك ، بل قالت : مَن حَدّثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالَ قائما فلا تُصَدِّقوه ، ما كان يَبول إلاَّ جَالِسًا . كما في المسند وغيره .
فيُقال : عائشة حدّثت بما عَلِمَت مِن حال النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، وحُذيفة حَدَّث بما رأى .
والقاعدة أن الْمُـثْـبِـت مُقَدَّم على النافي .
كما أن من كان معه زيادة علم فإنه يُقدّم ، وهو حُجّة على مَن لم يَعْلَم .
وليس في حديث أبي ذر رضي الله عنه ما يُشْعر بالمساواة ، وليس فيه ما يدلّ على ذلك .
وليس في لغة العرب ما يُحتمّ ذلك .
فلو قلت : لا يجوز أكل لحم الإنسان ولحم الكلاب والحمير .
فهل ساويتُ بين الأشياء المذكورة ؟؟؟
الجواب : لا . لم أُساوِ بينها من كل وجه ، وإنما اشتركت هذه الأشياء في حُـكم مُعيّن .
كقوله عليه الصلاة والسلام : إنكم سَتَرَون ربكم ، كما تَرون هذا القمر . رواه البخاري ومسلم .
فهل يقتضي ذلك مشابهة القمر لرب العزة جل جلاله بِحُـكْم التشبيه ، أو جمع المذكورَيْن في نص واحد ؟؟؟؟؟
وإنما المقصود جامِع الرُّؤية وصَفائها .
فَـتَـنَبـَّـــه .
ومع أن الكاتب ذَكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في أكثر مِن موطن إلاَّ أنه لم يَتَرَضّ عليها مرة واحدة !
والكاتب – هداه الله – لم يقتصر في نقده على المرأة السعودية ولا على السلفية بل تهجّم على السنة النبوية الصحيحة في مقابل الاستدلال بالمكذوبات ! ، وهذه طريقة الرافضة .
بل تعدّى انتقاده ذلك إلى أن ينتقد صحابة رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم ويغمزهم ، فها هو يقول :
((( والغريب أن أباذر لم تهمه المرأة ، بقدر ماهمه لون الكلب ، وكأنه يقول ليس موضع التساؤل في الحديث أنه ساوى بين المرأة والحمار و الكلب الأسود ، وإنما لماذا الأسود تحديداً . فأجابه راوي الحديث : بأنه شيطان ! ، معنى ذلك أن المرأة ايضاَ شيطان !! )))
وهذا سوء فهم ولا شكّ ! وسوء أدب مع هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه .
فليس بالضرورة أن تتساوى الأشياء المذكورة في نص واحد أو في موضع واحد كما تقدّم .
ثم انتقد الكاتب حديث ” المرأة خُلِقت من ضلع ” ليستدل بعد ذلك بِحديث موضوع مكذوب !!!
ومع أنه عزا الحديث أيضا للبخاري فقط ، إلاَّ أن الحديث في الصحيحين ( البخاري ومسلم )
لقد قلت في موضع سابق :
يا بني قومي ألا تفقهون ؟؟
ما بالكم تَبْتُرون النصوص وتَستدلّون ببعضها دون بعض ؟؟
إن نص الحديث – كما في رواية في الصحيحين – : اسْتَوصُوا بالنساء ، فإن المرأة خُلِقَت مِن ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كَسَرته ، وإن تَركته لم يزل أعوج ، فاسْتَوصُوا بالنساء .
أين أنتم من هذه الوصية بالنساء ؟؟
افْتَتَح الحديث بقوله : استوصوا بالنساء
واخْتَتَم الحديث بقوله : فاستوصوا بالنساء
فأين أنتم من هـذا ؟؟
أم هو النقد لأجل النقد ؟؟؟
إن قوله عليه الصلاة والسلام : إن المرأة كَالضّلع إذا ذهبت تقيمها كسرتها ، وإن تركتها استمتعت بها وفيها عوج . رواه البخاري ومسلم .
هذا الحديث محمول على قوله عليه الصلاة والسلام : فإن المرأة خُلقت منِ ضلع . رواه البخاري ومسلم .
وأحاديث النبي صلى الله عليه على آله وسلم يجب أن يُحمل بعضها على بعض لا أن يُضرب بعضها ببعض ، فتُسقط ، ليأتينا من يأتينا فيستدلّ بالموضوعات بدلاً مِن أحاديث الصحيحين !!!!
ألست تعلم أن الله خَلق حَواء مِن ضِلع آدم ؟؟؟
هل تُنكر هــذا ؟؟؟؟
وإن انحناء الأضلاع هو أصل خلقتها وطبيعة تكوينها ، فلا عيب أن تنحني الأضلاع على القلب حماية له .
هذا هو المقصود .. فتنبّـه !
ثم قال الكاتب :
((( ثم تتلفت يمينك و شمالك ، فتجد أن بني سلف ، قد غمموا المرأة من الرأس وحتى أخمص القدمين ، حتى أطرافها غلفوها بالقفازين !، واعتبروا أن الحجاب في الإسلام يقتضي إتباع عاداتهم وتقاليدهم البدوية القروية المتخلفة ، وكأن الإسلام قد نزلَ في “بريده” نصرة لأهلها ولعاداتهم وتقاليدهم … )))
من انتقد سنة النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، وكذب عليه ليس بِمُسْتغرب عليه أن يَكذب على آحـاد الناس !!!
من الذي اعتبر الحجاب اتـِّـباعا للعادات والتقاليد ؟؟؟
أم أن المسألة قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أُولُوا العرفان ؟؟؟
يا هذا :
إنك استدللت أنت بنفسك بِحديث آحاد
بل بكلام إمام مِن أئمة أهل السنة !
أليس هذا تناقضا ؟؟؟
أن ترفض أحاديث الآحاد ثم تستدلّ بها بل بالموضوع ؟؟؟
وأيهما أقوى في الدلالة حديث الآحاد أم كلام إمام وعالم ؟؟؟
وللعلم فأحاديث الآحاد حُـجّـة بنفسها في العقائد والأحكام عند أهل السنة .
أما عند البِدَع والزنادقة فلا !
ما العيب أن تلبس المرأة القفاز صِيانة لها ؟ وقد قال النبي صلى الله عليه على آله وسلم : لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين . كما عند البخاري .
هل أتينا بِجديد مِن عندنا كما تَزعم ؟؟؟
أم تَمَسّكنا بسنة نبينا صلى الله عليه على آله وسلم ؟؟؟
إذا لَبِسَت غير المحرمة القفازين فهل ارتكبت محظورا ؟؟؟
لبس القفاز محظور فقط في حق الْمُحْرِمة ، وعليها أن تستر يدها .
قال ابن القيم رحمه الله : وَجه المرأة كَبَدَن الرَّجُل ، يَحْرُم سَتره بِالْمُفَصَّل على قَدْرِه ، كالنِّقَاب والبُرقع ، بل ويَدَها يَحْرُم سَتْرها بِالْمُفَصَّل على قَدْر اليَد ، كالقُفَّاز ، وأما سَترها بِالكُمّ ، وسَتر الوَجه بالملاءة والْخِمَار والثوب فلم يُنْه عنه ألبته . اهـ .
أما غير الْمُحْرِمَة فلا تُنهى عن لُبسه ، بل هو ستر لِجُزء من بدنها الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام : المرأة عَورة . رواه الترمذي ، وصححه الألباني .
ثم قال الكاتب :
((( فتتساءل : وما سبب إذن تلك المناظر المخزية ، والمتزمتة ، والبشعة ، التي كممت المرأة وألبستها حتى القفازين ، وأظهرتها وكأنما هي كيس من الفحم الأسود ، رغم أن الأدلة الدينية تقول بخلاف ذلك … )))
المناظر المخزية والبشعة !!
وكأنه يتحدّث عن مناظر عُري فاضِح !
أين أنت مِن عاريات الشواطئ والمسابح والمراقص ؟؟؟
لم تغمزهن بِكَلمة ! أم أن الأمر يَنال إعجابك واستحسانك ؟؟؟؟
مناظر العُـري . تلك المناظر المخزية البشعة ليست من الإسلام ولا مِن الأخلاق في شيء ، ومع ذلك في مأمَن مِن نَقد الكَاتب !!!
وأما قوله عن المرأة : ((( وأظهرتها وكأنما هي كيس من الفحم الأسود ، رغم أن الأدلة الدينية تقول بخلاف ذلك )))
أقول ليس هذا في السعودية فحسب ، بل هو بحمد الله وفَضْله حتى في أوربا ، ورأيته بأمّ عيني !
وهو في أفريقيا مِن جنوبها إلى شمالها ! وهو في آسيا ..
وفي كل مكان ، فَلْيَمُت كَمَدا وغَيظا مَن يَغِيظه ذلك !
وقول الكاتب : (وأظهرتها وكأنما هي كيس من الفحم الأسود ، رغم أن الأدلة الدينية تقول بخلاف ذلك)وددت أن الكاتب أظهر ما زعمه مِن أدلة تقول بِخلاف ذلك ! لننظر : هل هي كعادته أحاديث مكذوبة ؟! مع أني أجْزِم بأن هذا أسلوب تهويل لا أكثر ، لأنه لا يملك أدلة على ما قال ! ولو كان يملك دليلا واحدا لأظهره وتشبّث به !
بل قد دلّ الدليل على لُبس نساء الصحابة رضي الله عنهم وعنهنّ السَّواد .
ألم تَصِف أم سلمة رضي الله عنها النساء في زمانها بلبس السواد ؟؟
فما العيب أن تلبس المرأة السواد ؟؟
قالت أم سلمة رضي الله عنها : لَمَّا نَزَلت (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغِربان من الأكسية . رواه أبو داود .
ولم يقل أحد كأنهن أكياس الفحم إلاَّ مَن كان لديه [[ رغبات جنسية مريضة ، ضارِبة في أعماقهم ، لا ترى المرأة إلاَّ مِن خلال شهوة شَبقة نهمة لا تقف عند حـد ]] !!!
بِمِكْيالِك أكِيل لك .
هذه بعض عباراتك !
وأما مسألة الحجاب وتقريره ومناقشة الأدلة بين موافق ومُخَالِف فتجدها هنا :
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1888
وكنت أتناقش مع بعض الكتاب في أحد المنتديات قال : الحجاب الذي عندكم عادة من عاداتكم ! وليس له أصل في دين الله !
فلما سُقت له الأدلة من الكتاب والسنة ، وبَسَطْت القول لم يَردّ عليّ جوابا !
وأما قول الكاتب : ((( وهذا ما يقوله أيضاً حتى علماؤهم مثل الشيخ الألباني ، الذي أفتى هو ايضاً بأن الحجاب لا يعني غطاء الوجه )))وهذا سوء فهم عن الشيخ – رحمه الله – .
فإنه – رحمه الله – يرى أن تَغطية الوَجه سُنّـة ، ولأجل ذلك كان – رحمه الله – يأمُر بَناته بالحجاب ! وليس هذا تناقُضَا عنده ، بل يقول : هذا مِن الأمْر بالمعروف .
ويُخطئ بعض الناس فينسب إلى الشيخ ما لم يَقُـلـه ، فإن الشيخ لم يقل بِبِدْعِية غَطاء الوَجه ، وإنما نازع في الوجوب ، ولم يختلف مع القائلين به عند خشية الفتنة .
فَتَنَبَّـــه .
كما أن الخلاف لا يَرِد في هذه المسألة إذا خُشيَ وُقوع فِتنة .
وأي فِتَن أعظم مما نَراه في الأسواق والأماكن العامة ؟؟؟
فإن تغطية المرأة لوجهها واجب بالاتفاق إذا خُشِيت الفتنة .
ثم قال الكاتب :
((( بل هاهم يقفون أمام حقها في العمل و التكسب فيحرمونه بدعوى منع الإختلاط . والأدهى و الأمر أنهم يسلبونَ حقها حتى في “الهوية ” التي هي حقٌ طبيعي للإنسان في كل أصقاع الدنيا ، بحجة حرمة الصورة في بطاقات الهوية ! )))
الاختلاط شيء ، والعمل شيء آخر .
الاختلاط ممنوع شرعا وعقلا ، حتى نادى بِمَنْعِه عقلاء الغَربيين !
لقد كانت النساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال حتى في أشرف البقاع .
روى البخاري عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال . قال : كيف تَمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟
قلت : أبعد الحجاب أو قبل ؟
قال : إي لعمري . لقد أدركته بعد الحجاب .
قلت : كيف يخالطن الرجال ؟
قال : لم يكن يخالطن ، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم ، فقالت امرأة : انطلقي نستلم يا أم المؤمنين قالت : عنكِ ، وأَبَتْ .
ومعنى ( حَجْرَة ) أي ناحية . يعني أنـها لا تُـزاحم الرجال في الطواف .
ومعنى ” أبت ” : أي رفضت أن تُزاحم الرجال لِتستلم الحجر أو الركن .
وقالت أم سلمة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيرا قبل أن يقوم . قالت : نرى – والله أعلم – أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال . رواه البخاري .
بل قال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء في زمنه لما اختلط الرجال مع النساء في الطريق وهو خارج من المسجد فقال : استأخرن ، فأنه ليس لكن أن تحققن الطريق . عليكن بحافات الطريق ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لُصُوقها به . رواه أبو داود .
ولما دخلت مولاة لعائشة عليها فقالت لها : يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا ، واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا ، فقالت لها عائشة رضي الله عنها : لا آجرك الله . لا آجــرك الله . تدافعين الرجال ؟ ألا كبّرتِ ومررتِ . رواه الشافعي والبيهقي .
ألا تدلّ هذه الأدلـة على تحريم الاختلاط ومنعه ؟؟؟؟؟
والمرأة في الإسلام تعمل وتتكسّب دون اختلاط بالرجال .
قال ابن عباس – رضي الله عنهما – : خُلِق الرجل من الأرض فجعلـت نهمته في الأرض ، وخُلِقَـتْ المـرأة من الرجل ، فَجُعِلَتْ نهمتها في الرجـل ، فاحبسوا نساءكم .
أي عن الرجال .
والمـراد بالحبس هنا : الحجْب ، فـإذا تحجّبت وغضّت بصرها ، عفّتْ نفسها ، وهذا هـو المقصد الأسنى ، والمطلب الأعلى ، لحياة أفضل .
لا مانع أن تعمل المرأة ولكن بحيث لا تُخَالِط الرجال ، وهذا يتفق عليه العقلاء .
ولعلك قرأت ما قالته الكاتبـة الشهيرة النصرانية ” آتي رود ” حيث قالت : لأن يشتغـل بناتنـا في البيوت خوادم أو كالخوادم ، خير وأخفّ بلاءً من اشتغالهن في المعامل حيث تـُصبح البنت ملوثـة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد . ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين ، فيهـا الحِشمة والعفاف والطهارة ، نعم إنه لَعَـارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعـل بناتَهـا مثَلاً للرذائل بكثرة مخالطـة الرجال ، فما بالنا لا نسعى وراء مـا يجعل البنت تعمل بمـا يُوافـق فطرتها الطبيعيـة من القيـام في البيت ، وتـرك أعمال الرجال للرجال سلامةً لِشَرَفِها .
لم يقل هذا كاتب من نَـجْـد !!! بل قالته امرأة نصرانية من أوربا !!!
( يعني مُتَحَضِّرة على حَدّ فَهْم الكاتب )
وهذا مذكور في رابط وضعته لك سابقا .
ثم إن الكاتب ومن كان على شاكلته لا يتحدّثون أبدا عن وضع المرأة في الغرب ومقدار الظلم الواقع عليها !
أليست المرأة في الغرب ليس لها حق في الهوية ؟!!!
كيـــف ؟؟
ليس لها حق في أن تَحْتَفظ باسم أبيها أو عائلتها بعد أن تتزوّج !!!
بل تُنسب لِزوجها ! ( نَقل ملكية ) !!!
وإذا تَرمّـلت احتاجت إلى تعديل أوراقها الثبوتية !
ثم إن بإمكان المرأة أن تُبت هويتها وأن تحمل هوية لا توجد فيها صورة ، وهي أدق من الصورة التي يُمكن أن تزوّر أو يُتلاعب بها ، وذلك عن طريق البَصْمَة التي تُستخَدم اليوم في قِبْلَة بعض كُتابنا في ” لندن ” !
ولكني أجزم أن الشهوانيين لا يُريدون ذلك ، وإنما يُريدون انتشار صور النساء !
وصدق الله ( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا )
والله أسأل أن ينفع بهذا العمل قائله وقارئه
وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم
وأن يهدينا سبل السلام .
كتبه / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
فجر الأحد 23 / 6 / 1423 هـ
حامدا ربي ، مصلياً على نبيي عليه الصلاة والسلام .
==================
ثم ردّ الكاتب بِرَدّ طويل حيث قال الكاتب :
يبدو أن موضوع النقاش قد أخذ اتجاها أكثر عمقا و رصانة عندما دخل كطرف فيه الأخ الشيخ عبدالرحمن السحيم . وأنا لا أعرف هذا الشيخ ، إلا أنه على ما يبدو أحد المتخصصين السلفيين ، والذين بطرحهم يطرحون منهجاً وليس وجهة نظر شخصية ..
لذلك وجدت أن من الضرورة أن أبين له ما قد يَخفاه عني ، وعن رؤيتي ، وفكري ، وقناعتي التي استقيتها من قراءات ونقاشات وتحليلات مستفيضة ، وصلت من خلالها إلى تكوين هذه الرؤية … ورغم قناعتي التامة بها كمضمون حتى الآن ، إلا أنني أجد من الحصافة و الواقعية و الموضوعية أن أقول ، وبمنتهى الشجاعة ، أنني على استعداد لتغييرها متى ما وصلت إلى ما ينقضها حسب معاييري و قناعتي ، لا لمجرد الإتباع الأعمى للأسلاف ، دون أن يدعم المطالبة بإتباع السلف ما يُبرر منطقياً و عقلياً إتباعهم ، على الأقل بالنسبة لي . وهذا مربط القضية ، وبيت القصيد من القضية برمتها.
وبعد ما تقدم أقول : فكري و منهجي كما أبين دائما يقوم على الآتي :
الإسلام فرعان كبيران : دينٌ و دنيا . فمثلَ ما نزلَ الوحي على محمد عليه الصلاة و السلام لـُيبين و ينظم علاقة الإنسان بربه “دينياً” ، فقد نزلَ الوحي بنفس القوة و الأهمية و الموازاة أيضاً كمنهج ” حياة ” . والفصل بين هذين الفرعين فصلٌ ممتنع ، أي أنه يقود في حالة الإصرار عليه إلى نسف الإسلام بالكلية ، أي إلى الكفر البواح .
والفرع الأول : الدين . هو كل ما شرعه الإسلام لنا من عقائد إيمانية ، و ممارسات تعبدية ، وأحكاماً ، لا تتغير بتغير الزمان و المكان وليس لاختلاف ظروفهما بين الحين و الآخر ، أو البقعة و البقعة ، انعكاسات موضوعية على هذه الأحكام . مثل ما جرى تحديده فيما يُعرف بـ ” أركان الإسلام ” ، إضافة إلى أي حكم من الأحكام التي لا علاقة لها بتغيرات الظروف الزمانية و المكانية ، كأحكام الإرث مثلاً لا حصراً . ويدخل في هذا المضمون ، بل يأتي على رأسه ، مسألة ” إخلاص توجيه العبادة إلى الله وحده دون سواه ” . لذلك ، يمكن القول هنا ، وبمنتهى الدقة ، أنني في قضايا العبادة “سلفي” ، سواء في توحيد الربوبية ، أو الإلهية ، أو في أسماء الله و صفاته . ولا أختلف مع الطرح السلفي فيما له علاقة بالتوحيد قيد أنملة . بل أجد أن “التوحيد” الخالص من كل أنواع الشرك ، كبيره و صغيره على السواء ، هو تحرير للبشرية من تسلط البشر على البشر، و تكريس للمساواة بين بني آدم ؛ فكلنا في النهاية متساوون أمام الله سبحانه وتعالى ، ليس لأحد ُقربة إلا بما عمل . ومن هنا تنطلق عظمة التوحيد في الإسلام ، ليس في شقه الديني فحسب ، وإنما في أبعاده و مدلولاته الدنيوية أيضاً . وهذا ما يؤكد أن شرط “التميز” في الإسلام هو العمل ، وليس الدم أو الإثنية أو القومية أو النسب ؛ فطالما أنه “إنسان ” فله الحق كل الحق في التميز إذا عملَ له ، لا يسبقه في ذلك لا ملك متوج أو راعي غنم ، أو أبيض أو أسود .. ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ..
الفرع الثاني : الدنيا . وهي تلك الأحكام و التشريعات التي أقرها الإسلام ، أو انتسبت أو نُسبت إليه ، والتي تنظم علاقة الفرد بمجتمعه ، وعلاقة الفرد بالآخر، وُتحدد بذلك كيفية بناء المجتمع ليكون مطابقاً و مواكباً لشروط الإسلام في شقها ، أو فرعها ، الدنيوي . وهذا ما أجد أنني على اختلاف تام مع الفكر السلفي فيه ؛ وهذا الاختلاف لا يقف عند حد النتائج ، وإنما يمتد إلى الاختلاف على مدى صوابية آلية “الشروط” التي ينتهجها السلفيون في معاييرها على تحقيق الهدف المنشود أو الغاية المتوخاة من هذه الآلية ..
بعد هذه المقدمة التي وجدت أن من الضرورة العلمية البدء بها ، كي لا ينحرف الحوار عن مساره ، أعود إلى مداخلة الشيخ السحيم . والتي كانت خاصة بالمرأة ، ومدى إجحافها من عدمه في أدبيات و آراء الفكر السلفي . وهي وجهة نظر لي حملها مقال نشرته في أكثر من منتدى و دار حوله نقاشٌ و جدل كبيرين . وأولُ ما أريد أن أوضحه في هذا السياق أنني لا ُأحملُ مسؤولية ” إهانة” المرأة الإسلام ، حاشا و كلا ، وابرأ إلى الله أن أقول ذلك . وإنما أحمل المسؤولية كاملة الفكر السلفي على وجه التحديد . ونحن نعلم منهجياً أن ” السلفية ” هي تيار ضمن تيارات أخرى ، وهي مدرسة ضمن مدارس أخرى ، والقول أن ما تراه هذه المدرسة ، أو ما يرجحه هذا الاتجاه ، هو الإسلام ، وأن من يختلف مع الطرح السلفي هو يختلفُ مع الإسلام ككل ، هو قولٌ يختلفُ أول ما يختلف مع الإسلام نفسه ، الذي فتح باب الاجتهاد للسلف و الخلف على السواء إلى أن تقوم الساعة . والسلف و الخلف رجالٌ غير منزهين عن الخطأ ، و ما يترتب على هذه الأخطاء المحتملة من إفرازات لا يمكن أن نتجاوزها في أي حوار موضوعي و هادف ..
الشيخ السحيم بدء رده علي باستعراض إكرام الإسلام للمرأة ، ورفع شأنها ، بقوله في مداخلته : (( المرأة في الإسلام شقيقة الرجل ، وبهذا نطق الصادق المصدوق صلى الله عليه على آلـه وسلم حيث قال : النساء شقائق الرجال والمرأة في المجتمع السعودي لا تُعتبر كائناً من الدرجة الثانية إلا عند المتكبرين ، أو الرعاع، وهذا لا يُحسب على توجه بأكمله فالمرأة تُعامل سواء في التملّك أو في البيع والشراء أو في المحاكم وفق شرع الله . )) … ثم ذهبَ حفظه الله “يستفزع” بأقوال بعض الكتاب الغربيين التي كانت آراؤهم تنتقد أوضاع المرأة في الغرب ، وتشيد بقيمتها في الإسلام .
كل ما ذكره الشيخ ، حاشا ما ساقه من أقوال غربيين ، هو عين الصواب ، ونوافقه عليه ، بل لو أراد الزيادة لأتينا له بأضعاف ما أورد . غير أن ما ذهب إليه الشيخ ، من زاوية أخرى ، هو ما يؤكد حقيقة أن الإسلام في توجهاته و أساسياته ، هو دينٌ حق ، لا يمكن أن تكتنف تعليماته ، أو مراميه ، أو منهجه ، ما يمكن أن يمس المرأة كعنصر ، ولا أن ينتقص من حقوقها كإنسان، ولا أن يعتبرها عوجاء لمجرد أنثويتها ، فضلاً عن أن يساوي بينها وبين الكلاب . وهو ما تحمله إلينا الكثير من تلك “الأحاديث الأحادية ” التي يعتبرها الشيخ أساً لا يمكن رفضه من أسس الإسلام . ولن أقف كثيراً لضيق المساحة عند تبريراته التي تفتقد للمنطق في أسباب هذه المساواة المشينة التي تضمنتها تلك الرواية ، والتي لم أرفضها أنا فحسب وإنما أمتد هذا الرفض إلى “عائشة ” رضي الله عنها ، والتي هي من حيث القيمة و المكانة والعلم ، كما تنص أحاديث الآحاد نفسها، أهم من راوي الحديث . وإنما سأذهب إلى أبعد من ذلك وأقول : حتى ولو قبلنا “تبريرات” الشيخ و تخريجاته لهذا الحديث ، جدلاً ، فماذا نفعل بعشرات من الأحاديث الأخرى التي تنحى نفس المنحى ، وتنطلق من هذا المنطلق ، والتي تفوحُ عباراتها و مدلولاتها بتحقير المرأة والحط من شأنها . خذ مثلاً :
عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( الشؤم في ثلاثة في المرأة والمسكن والدابة )) .. سنن الترمذي رقم 2749 .
عن ابن عباس : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي المرأة والمملوك من المغنم دون ما يصيب الجيش . ) . مسند أحمد رقم 3127 .
عن نعيم بن قعنب : (خرجت إلى الربذة فإذا أبو ذر قد جاء فكلم زوجته في شيء فكأنها ردت عليه وعاد فعادت فقال ما تزدن على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المرأة كالضلع فإن ثنيتها انكسرت وفيها بلغة وأود ) . مسند أحمد رقم 20481
أخبرنا أبو زيد سعيد بن الربيع حدثنا شعبة عن الحكم قال سمعت ذرا عن وائل بن مهانة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للنساء : ( تصدقن فإنكن أكثر أهل النار فقالت امرأة ليست من علية النساء لم أو بم أو فيم قال إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير ) سنن الدارمي رقم 989
عن عمران بن حصين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلعت في النار فرأيت أكثر أهله النساء واطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ) . سنن الترمذي رقم 2528
ولا يمكن قبول هذه الأحاديث الأحادية ولا تصديقها ، ولا قبول مدلولاتها قبولاً مطلقاً بحال من الأحوال ، لأنها تختلف أول ما تختلف مع توجهات الإسلام ، ومع مبادئ الإنسانية ، وكون المرأة في الإسلام إنساناً مكلفاً لها من الحسنات ما للرجال ، وعليها من العقاب ، إذا مادت عن الصواب ، ما على الرجال . ونحن عندما نرفض هذه الأحاديث فنحن لا نرفض الإسلام ، ولا ندعي أن الرسول عليه الصلاة و السلام ، يكذب أو هو يذل المرأة ، إنما نقول كما قال الإمام أبو حنيفة : ( أُكذِّب هؤلاء ، ولا يكون تكذيبي لهؤلاء ، وردِّي عليهم، تكذيباً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إنّما يكون التكذيب لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول الرجل: أنا مكذب لقول نبي اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) . فأما إذا قال الرجل: أنا موَمن بكلّ شيء تكلّم به النبي ، غير أنّ النبي لا يتكلم بالجور ولا يخالف القرآن، فانّ هذا القول منه هو التصديق بالنبي وبالقرآن وتنزيه له من الخلاف على القرآن، ولو خالف النبي القرآن وتقوّل على اللّه بغير الحقّ، لم يدعه اللّه حتى يأخذه باليمين ويقطع منه الوتين. ) العالم والمتعلم . ص 100
وكما تعترف أحاديث الآحاد نفسها ، أن ثمة من يكذبون من الصحابة في الأحاديث ، بحسن نية ، ودفاعاً في رأيهم عن الإسلام ، واحتساباً للأجر . فقد أخرج مسلم في صحيحه، عن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، عن أبيه، قال: ( لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث ). وجاء عن القرطبي في التذكار ص : ما نصه لا التفات لما وضعه الواضعون ، واختلقه المختلقون ، من الأحاديث الكاذبة والاَخبار الباطلة في فضل سور القرآن ، وغير ذلك من فضائل الاَعمال . وقد ارتكبها جماعة كثيرة فوضعوا الحديث حسبة كما زعموا، يدعون الناس إلى فضائل الاَعمال، كما روي عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم المروزي، ومحمد بن عكاشة الكرماني، وأحمد بن عبد اللّه الجويباري وغيرهم، قيل لاَبي عصمة: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة؟ فقال: إنّي رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة ) ..
هذا من جهة . ومن جهة أخرى فلا يمكننا أن نقبل أحاديث الآحاد لأسباب عقلية محضة . لأن قبولنا لها ، واعتبارها من حيث الإلزام في درجة القرآن ، وما تواتر من السنة ، كما يزعم السلفيون ، يتناقض مع القرآن نفسه ، وضرورة إبلاغ الوحي التشريعي الملقاة مسئوليته على كاهل النبي لتحقيقه . فإذا قبلنا بمنطق أن من الجائز أن يخص الرسول واحداً أو اثنين من الصحابة بحكم من الأحكام دون بقية الصحابة ، معنى ذلك أنه لم يقم عليه الصلاة و السلام بتحقيق شرط البلاغ للناس كافة . ولك أن تتصور لو أن رئيس دولة ، أو حكومة ، قام بإصدار نظاماً تشريعياً ، ولم يبلغه إلا لواحد أو اثنين أو ثلاثة من خاصته ، وقام أحد الأفراد بمخالفة هذا النظام ، فعلى من تقع المسؤولية : على من أصدر النظام ولم يبلغه للناس أم على من اقترف المخالفة ؟ .
ويؤكد عدم احتمال أن تكون هذه الأحاديث لها مرجعية تشريعية ملزمة ، نهي الرسول عن التدوين ، وكذلك عمر ، وبقاء هذه الأحاديث خارج اهتمام الكتابة أو التجميع حتى عهد عمر بن عبد العزيز كما هو معروف . يقول الإمام السيوطي : ( في سنة ثلاث وأربعين ومائة هـ شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه، والتفسير، فصنف ابن جريج بمكة، ومالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام، وابن أبي عروبة، وحماد بن سلمة وغيرهم بالبصرة، ومعمر باليمن، وسفيان الثوري بالكوفة، وصنف ابن إسحاق المغازي، وصنف أبو حنيفة رحمه الله الفقه والرأي، ثم بعد يسير صنف هُشَيم، والليث، وابن لهيعة، ثم ابن المبارك، وأبو يوسف، وابن وهب، وكثر تدوين العلم وتبويبه، ودونت كتب العربية، واللغة، والتاريخ وأيام الناس، وقبل هذا العصر كان أئمة يتكلمون من حفظهم، أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة ). (السيوطي، ص 301)… صحيح أن هناك روايات أخرى تقول أن ثمة نفر من الصحابة كانوا يدونون ، إلا أن مدوناتهم كانت ممارسات فردية خاصة لهم ، فلم تنقل بالنسخ ، ولم يذكر لنا التاريخ سماحهم بنسخها أو تداولها ، وهذا هو المهم لا مجرد الكتابة ..
الأمر الآخر أن الرسول قد تنبه إلى ذلك ، كما جاء في أحد أحاديث الآحاد أيضاً على اعتبار صحتها ، فقد نص فقد نص أحد الأحاديث بوضوح على ضرورة التفريق بين صفته البشرية ، وبين صفته التشريعية كرسول . جاء في صحيح مسلم رقم 4356 : ( عن موسى بن طلحة عن أبيه قال : مـررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم على رءوس النخل فقال ما يصنع هؤلاء فقالوا يلقحونه يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح فقال رسول الله صلى الله عليه وسـلم مــا أظن يغني ذلك شيئا قال فأخبروا بذلك فتركوه فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن ) . وهذا في منتهى الدلالة على ما نحن بصدده .
كل هذه الأسباب التي استعرضتها ، لا يمكن بحال تجاوزها علمياً و منطقياً عندما نتعامل مع هذا الكم الهائل الموروث من هذه الروايات ، الأمر الذي يجب أن نتعامل معها من جديد باتجاهين :
الاتجاه الأول : بإعادة تصحيحها ، وعرضها على القرآن من حيث مقاصده و أهدافه البعيدة ، وكذلك على ما تواتر من السنة ، وأخيراً على العقل ، ومبادئ العدل و الإنصاف ، والذوق و الصحة العامة . فما واكب هذه الشروط قبلناه ، وما تناقض معها رفضناه ..
الاتجاه الثاني : أن نعتبر كل أحاديث الرسول التي وردت إلينا من خلال الآحاد ، والتي ثبتت صحتها حسب ما جاء في الاتجاه الثاني سالفاً ، بمثابة الوسيلة لنا في للتأسي به صلى الله عليه وسلم . تحقيقاً لقوله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) . والتأسي ليس واجباً و إنما مستحباً في أمور الدنيا تحديداً ، وهي التي تتغير بتغير الزمان والمكان و الظروف . وهو ما اختاره الإمام القرطبي في تفسره لهذه الآية تحديداً ، عندما قال بالنص : ( واختلف في هذه الأسوة بالرسول عليه السلام , هل هي على الإيجاب أو على الاستحباب ; على قولين : أحدهما : على الإيجاب حتى يقوم دليل على الاستحباب . الثاني : على الاستحباب حتى يقوم دليل على الإيجاب . ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين , وعلى الاستحباب في أمور الدنيا . ) ..
ولا يمكن أن نفرق بين الأمور التي فعلها الرسول كتشريع ، وتلك التي لم يقم بها كمشرع ، كما في حديث النخل الآنف الذكر ، إلا إذا فرقنا بين الرسول بصفاته الثلاث : هنا لا بد من التفريق بين شخصياته ، عليه الصلاة و السلام ، الثلاث : ” الإنسانية ” ، ” الرسولية ” ، ” النبوية ” .. فمحمد ” الرسول ” هو مشرع لنا، واجبٌ علينا قسرياً ، إتباع أوامره واجتناب نواهيه ، بما يُحققُ على أرض الواقع مقاصده و مراميه وغايات رسالته . ومحمد أيضاً “نبياً ” يُخبرنا بما نبأه الله به ، كأخبار الأمم السابقة ، وقصص الرسل ، والحوارات و النقاشات التي دارت بين شخصيات التاريخ السابق على البعثة . وهو في النهاية ” إنسان ” . يجوع فيأكل ، ويضما فيشرب ، وينوم و يقوم ، وُمعرضٌ للمرض ، ويتعامل مع الناس حسب عاداتهم و تقاليدهم في زمانه ، وله ذوق خاص في الأكل و الملبس و المشرب ، ويتجــولُ في الأسـواق ، ويضحك و يغضب ، ويرتدي ما يرتدي قومه من اللباس ، ويسمح و يعبس ، ويظن ويخطئ كما في الحديث ، وفي النهاية يموت .. فالذي نحن ملزمون به تشريعياً ما قاله وفعله كرسول ، وليس كإنسان ، بينما يرى اصحاب الإتجاه السلفي أننا ملزمون بكل أفعاله و أقواله إلتزام وجوب حتى وإن كان مارسها بصفته الإنسانية .
هذا من حيث اعتراضي على منهج ومعايير الاتجاه السلفي ، والتي بينت في ما سبق عدم منطقها ، وتناقضها، وضعفها كآلية للتشريع . بل لا يمكن منطقياً أن ترتقي إلى مستوى التشريع ، وهي في أحسن الحالات صالحة للتأسي ليس إلا ..
أعود في ما تبقى من فرصة لحديث الشيخ في رده عن المرأة . وجوابه يفيض و يتسع عن المجال الذي يوفره هذا المنتدى . غير أن هناك سؤالٌ أريد منه حفظه الله أن يجيبني عليه ومؤداه : ((( العالم من أقصاه إلى أقصاه تعمل فيه المرأة , وعدم عملها يعني زيادة في أعداد البطالة ، التي من شأنها اجتماعيا توسيع دائرة الفقر . فهل من المنطق و الموضوعية و العلمية أن تحرضون على زيادة نسب البطالة من خلال إصراركم على إبقاء المرأة في البيت دونما عمل خشية من الاختلاط ؟ . وعدم قيادة المرأة للسيارة هي عائقٌ لحركتها ، وتقييد لها ، فضلاً عن ما يكتنف عدم قيادتها تلك ، من أن تعتمد على سيارات الأجرة في حركتها ، أو أن تدفع تكاليف مالية للسائقين . فلماذا تفكرون في الأمور المباشرة و السطحية ، ولا تهتمون بالأبعاد الاقتصادية التي لا بد وأن يكون لتبعاتها المستقبلية منزلقات أخلاقية هي أشد خطراً بكل تأكيد ، فالمرأة التي تضيق عليها فرص العمل، وتمنع من الحركة ، لابد وأن ينعكس ذلك سلبياً على أخلاقياتها ، وليس صحيحاً البتة أن الحرة تموت و لا تكتسب بأثدائها ..
وعندما نقرأ تاريخنا القريب و البعيد على السواء ، نجد أن المرأة خلال كل العصور الإسلامية كانت مشاركة رئيسية في عملية الإنتاج الاقتصادي بشتى أشكاله آنذاك . كانت تبيع و تتاجر في الأسواق بنفسها مباشرة ، وكانت تعمل في الزراعة ، وكانت ترعى الغنم ، وكانت تمارس بعض المهن و الحرف المتخصصة الاقتصادية في المجتمع ، ولم يقل واحدٌ من علماء المسلمين بحرمة ذلك ، حتى أتيتم ورفعتم شعار ” منع الاختلاط و توسعتم فيه ، وتشددتم في تطبيقها ، وخلطتم عاداتكم و أعرافكم وتقاليدكم و رؤاكم الذاتية بالإسلام ، ولويتم أعناق نصوصه ، وأقوال علمائه ، للتوافق مع أهوائكم لا مع دينكم ..
وتأكد شيخي الفاضل ، أن الحقائق الإقتصادية ، المعتمدة على التجربة و البرهان ، والذي أثبت الواقع صحتها ، ستتغلب في النهاية ، تماماً كما تغلبت على أسلافكم الذين رأوا قبل قرابة الأربعين عاماً أن تعليم المرأة و فتح المدارس لها سيسعى بالمجتمع إلى الفساد . و لا أحتاج إلى إثبات أنكم بممارساتكم لنهب حقوق المرأة ، تنفيذاً لشكوك و إرهاصات نفسية هي بالتأكيد غير سوية ، سيكرر خطأكم ذاك ، ويعيد إليكم الإحراج الذي ما زلتم تعانون منه حينما أقمتم عاصفة هوجاء في منتصف الثمانينات هجرية على تعليم المرأة ، واعتبار فتح المدارس لتعليمها خروجاً على أخلاقيات السلف فيما يخص المرأة ..
وقبل أن أختم أقول : أن إستخدامي في الرد عليكم الأحاديث الأحادية ، رغم عدم قبولي بها ، يستند إلى قاعدة أقرها المنطقيون في الجدل المنطقي ، والتي تتيح للمجادل الرد على خصمه بالأدلة راجحة اليقين لدى خصمه ، حتى وإن كانت غير ذلك بالنسبة إليه . إنها نفس المقولة التي تقول : من فمك أدينك . ولأان الشيخ حفظه الله يُحرم المنطق ، ولا يراه أداة إقناع ، وسيلق حجة ، فهو يجهل مثل هذه القواعد ، فرآها تناقضاً رغم أنها غير ذلك .
انتهى كلامه .
=========
أسأل الله الهداية لهذا الكاتب إن كان أهلاً لها
لئن أجهل قواعد المنطق خير لي من أن أجهل قواعد الاستدلال بالكتاب والسنة
فالأولى جهلها لا يضر ، والثانية جهلها قد يَصِل إلى حَدّ الكفر ، إذ القول على الله بِغير عِلْم قَرِين الشرك .
ومن ناحية ثانية أنا استدللت عليك بما أراه مُسَلَّمًا عندك – في ظني – وهو وضع المرأة في الغرب بما حوى !
أولاً : كون الكاتب يستدلّ بِحديث مَوضوع فهذه طامة كبرى !
وليس هذا يتماشى مع قواعد العقل أو المنطق أو الدِّين !
فليس الحديث الضعيف بِمُسَلّم به حتى يُسلّم لك الاستدلال بالحديث الموضوع !
ثم إنك لم تَكْتفِ أيضا بالاستدلال بالأحاديث الأحادية فانتقلت لتستدلّ بالآثار !
وأنت لم تكتفِ بالاستدلال بالأحاديث الأحادية التي هي عند خصمك حجة ، وإنما استدللت بحديث موضوع يدلّ على جهل بهذا العلم الشريف ، أعني علم الحديث .
ومما يدلّ على ذلك بالإضافة إلى ما تقدّم أنك لا تُحسن العزو
فالأثر الذي أوردته عن يحيى بن سعيد القطان لا يصح أن يُقال ( رواه مسلم في صحيحه ) هكذا مُطلقاً ، بل لا بُـدّ من تقييده بالمقدمة ، كما هو معلوم عند أهل هذا الفن !
كما لا يصحّ أن نقول عن حديث علقه البخاري : رواه البخاري . هكذا ونسكت ، بل لا بُـدّ أن يُنصّ على نوعية الرواية .
ثانياً : أنت تأخذ من الرواية ما يحلو لك أو يوافق هواك وتترك الباقي .
فأنت عندما نقلت قول يحيى بن سعيد ، سبقت ذلك بقولك : (( أن ثمة من يكذبون من الصحابة في الأحاديث ، بحسن نية ، ودفاعاً في رأيهم عن الإسلام ، واحتساباً للأجر ))
وأغفلت قول مسلم في الموضع نفسه حيث قال في المقدمة : قال مسلم : يقول يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب .
كما أنك أقحمت الصحابة – رضي الله عنهم – إقحاما ، نتيجة فَهْم فهمته أنت ، أو هوى في النفس !
وإلاَّّ فإن الصحابة – رضي الله عنهم – عند أهل الإسلام عُدول ثِقات بِتعديل الله لهم .
وثناء الله عليهم في كتابه مشهور ، وفي السنة معلوم . و لا يُعْرَف فيهم ولا عنهم الكذب ، ولا نُسِب أحد منهم إلى الكذب إلا عند أعداء الدّين والعقل ، أعني : الرافضة ، وعند الزنادقة .
إلى أن نشأت فرق الضلال من الرافضة والخوارج فأخذوا يَطعنون بأصحاب النبي صلى الله عليه على آله وسلم !
إلا إن كنت ترى أن ( أبا عصمة نوح بن أبي مريم المروزي ، ومحمد بن عكاشة الكرماني ، وأحمد بن عبد اللّه الجويباري ) أنهم من الصحابة ؟!!
ولازلت أُطالبك بالبيّـنة على قولك : (( وكما تعترف أحاديث الآحاد نفسها ، أن ثمة من يكذبون من الصحابة في الأحاديث ))
ولماذا أقحمت الصحابة رغم أن الروايات التي ذكرت عمن بعدهم ؟
والكذب والوضع في الأحاديث لم يكن في الصدر الأول أبدًا .
ثالثاً : مسألة قبول أخبار الآحاد ليس هو قول ( السلفيين ) كما زعمت بل هو قول أهل السنة والجماعة ، وهو قول السواد الأعظم من الأمة .
وهو دِين وعقيدة ، ليس لدى السلفيين فحسب .
ولكن لَمّا نشأت الفرق الضالة كالرافضة والمعتزلة ومَن نَحا نحوهم وسار بسيرهم ولم تنسجِم مع عقولهم المريضة مع الإسلام ، أرادوا هَدْم حصونه مِن الداخل !
فالقرآن مخلوق !
والسنة أخبار آحاد !
وليت شعري : ما هو الخبر المقبول عندك ؟؟؟
وما مقاييس قبول الأخبار ؟؟
وما هو المتواتر ؟؟
وهل هو من المقبول عندك ؟؟
وهل القرآن قطعي الثبوت عندك أم ( أستغفر الله ) ؟؟؟
رابعاً : لم أرَ إجابة فيما يتعلق بِرَدِّي السابق ، حيث تساءلت غير مرة :
هل أنت تريد نقد المجتمع السعودي ؟
أو تريد نقد الاتجاه السلفي ؟
أو تريد نقد الإسلام ؟
فحدد ما تريد أولاً ثم ناقش – إن كنت تعرف الطرق المنطقية – ومنك نستفيد !
خامساً : قول الكاتب :
(( ولك أن تتصور لو أن رئيس دولة ، أو حكومة ، قام بإصدار نظاماً تشريعياً ، ولم يبلغه إلا لواحد أو اثنين أو ثلاثة من خاصته ، وقام أحد الأفراد بمخالفة هذا النظام ، فعلى من تقع المسؤولية : على من أصدر النظام ولم يبلغه للناس أم على من اقترف المخالفة ؟ ))
هل ينطبق هذا عندك على الرُّسـل الكرام صلوات الله عليهم ؟؟
فإن الله عز وجل أبلغ الناس والأمم عن طريق الرُّسُل !
فكان كل نبي يُبعث إلى قومه ، وهو شخص واحد ! بل بُعث خاتمهم عليه الصلاة والسلام إلى الناس كافة !
إلا ما كان من موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ، وإن كان موسى عليه الصلاة والسلام بُعث ابتداء لوحده .
فهل قامت الحجة برسول واحد يُقيم الحجة على الناس ويدعوهم إلى الله ، ويُبلغهم شرع الله ؟؟؟؟؟
يُقال في هذا مثل ما يُقال في أحاديث الآحاد تماما !!!
تصوّر أن الله يبعث العدد الكثير من الرسل لأمة من الأمم لتقوم عليهم الحجة حسب قياسك العقليّ !
فقد يأتي من يقول : إن الحجة ما قامت على البشر بِرَسُول واحد !
بل قد يقول قائل – حسب قياسك – أن الحجة ما قامت علينا ، وإن كان القرآن يُتلى علينا لأن الرسول صلى الله عليه على آله وسلم بُعث قبل أكثر من ألف سنة !
ثم هو شخص واحد !
فعلى من تقع مسؤولية مخالفة شـرع الله ؟؟؟؟
أما مَن قبِلَ خبر الآحاد فسوف يقبل ما جاءت به الرسل .
خامساً : في تحكيم العقول بالنصوص .
أنت تَرُدّ نَصًّا ترى أنه انتقص المرأة
وآخر يَقبله لأنه ينظر إلى المرأة بمنظار غربي !
وكنت ذكرت سابقا أنه : (( عقد اجتماع في فرنسا عام 586 م يبحث شأن المرأة وما إذا كانت تعد إنساناً أو لا تـُـعـدّ إنساناً ؟ وبعد النقاش : قرر المجتمعون أن المرأة إنسان ، ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل ))
وهذا لم يكن في نـجْـد !!!
وإنما في قِـبْـلـة (( الليبراليين )) أعني في فرنسا !!!
[[ على فكرة : يوجد في فرنسا خمسة ملايين مسلم لا توجد لهم مقبرة ! ]]
[[ بينما توجد مقابر للكلاب في كعبة (( الليبراليين )) في باريس ]] !!!
عفواً هذا خارج الموضوع !!
ولكنه التكريم الغربي للإنسان !!!
أعود لمسألة تحكيم العقول في النصوص :
إذا أردنا أن نُحَكّم العقول في النصوص قبولاً وردًّا : فأي عقل الذي سوف نَجعله حاكما على عقول الأجيال والآلاف بل الملايين مِن البشر الذين يَقبلون أحاديث الآحاد ؟؟؟
هل هو عقل الْحَدَاثي الْمُحدث ؟؟!
أم عقل العلماني ؟؟
أم عقل الليبرالي ؟؟
أم عقل الصوفي الْمُخَرِّف ؟؟
أم عقل الرافضي ( العَقْل الْمُلْغَى أصلاً ) ؟؟!!
أم عقول المعتزلة ؟! الذين قالوا إن القرآن مَخْلُوق !
بِربّك : عَقْل مَن سَوف نُحَكِّم ؟؟؟
وكذلك مسألة عرض الأحاديث على العقل ، حيث دندن حولها الكاتب أخيرا .
فأنت تقبل حديثا أحاديا بل وآثارا ، بل استشهدت في مقام الاستدلال بِحديث موضوع مكذوب !
وقد يأتي غيرك – أو تأتي أنت – فتفتح كتاب الموضوعات لابن الجوزي وتنقل لنا منه غير حديث الحميراء !!!!!!
سادساً : مسألة التدوين وكتابة الحديث فهذه قد أُشبعت بَحْثًا ، وخُـذ على سبيل المثال :
الحديث والمُحدِّثون للشيخ محمد أبو زهو
دراسات في الحديث النبوي للدكتور مصطفى الأعظمي
أصول التحديث ،
السنة قبل التدوين . كلاهما للدكتور محمد عجاج الخطيب
السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للدكتور مصطفى السباعي
بحوث في تاريخ السنة المشرفة للدكتور أكرم العمري
زوابع في وجه السنة للشيخ صلاح الدين مقبول
وغيرها مما تناول قضية التدوين وكتابة الحديث مما يردّ دعاوى المستشرقين ويَدحض شبههم .
إن أي علم لا بُـدّ أن يُرْجَع فيه لأهل الاختصاص ، وهذا مَحَلّ اتفاق .
ففي الطب لا نذهب للسباك نَستقي منه المعلومة الطبية
وفي الهندسة لا نذهب للإسكافي نطلب منه الرأي الهندسي
وفي الزراعة ، وفي الصناعة ، وفي الاقتصاد ، وغيرها !
فما بال دين الله وكأنه كلأ مباح يَرتع فيه كل أحد ، ويخوض فيه من لا يُحسن الخوض فيه ، ولا تَعلّم علوم الشريعة ، أو درس فنون الحديث وعلم المصطلح .
وأعود لأقول للكاتب :
استدللت بحديث التأبير ( تلقيح النخل ) على بشرية الرسول صلى الله عليه على آله وسلم ، وهذا أمر متفق عليه ، ولكن لا يعني هذا أن بشريته تؤثر على رسالته ؛ لأنه معصوم من الخطأ أو الزلل في التبليغ .
وأتجاوز الأحاديث التي تكلمت عنها ؛ لأني قد أَجبت عنها سَابقا ، فإن كنت لم تـرَه فارجع واقرأ مقالي السابق بشيء من التدبر العقلي !
وحول تساءل الكاتب (( العالم من أقصاه إلى أقصاه تعمل فيه المرأة , وعدم عملها يعني زيادة في أعداد البطالة ، التي من شأنها اجتماعيا توسيع دائرة الفقر … ))
أقول خُذها مِن أفواه العلم مِن أقصاه إلى أقصاه
وخُذها بلغة الأرقام والحقائق والإحصائيات
( إذ هذه اللغة ليست أحاديث آحاد !!! )
التعليم المخْتَلَط ، وما أدراك ما التعليم المختلط !
كم مِن طالب وقع في الفاحشة مع زميلته بِسببه ؟!
بل ثبت من خلال دراسات أن هناك من أساتذة الجامعات مَن وَقَعوا مع طالباتهم
وأستاذات الجامعات وَقَعْن مع طلابهن !
وأمريكا – الكافرة – تسعى اليوم سعيا حثيثا لِمُحَارَبة الاختلاط ومنعه !
أفَيَكُون هذا تَشـَـدُّدا ؟؟؟؟؟!!
أم أن القوم اكتووا بنيران الاختلاط حتى عافَته نفوسهم ؟؟؟؟؟
وليس هذا في أمريكا فحسب بل حتى في بريطانيا
فقد قامت مجموعة من البريطانيات بجامعة ( أوكسفورد ) بمظاهرة خوفا من السماح بالاختلاط في الكلية !
وجاءت أفضل النتائج من المدارس الدينية ببريطانيا (المدارس الدينية وهي التي تفصل الطلاب عن الطالبات)
ونشرت مجلة الأسرة في أعداد سابقة أن طالبات الـ Miggs College بكاليفورنيا باختلاف أصولهن الاجتماعية قاموا بشن إضراب لرفض الاختلاط ورَبِحْن القضية .
في دراسة أُجْريَت على شريحة من المجتمع الأمريكي تبيّن أن :
80 % يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والأولاد .
وما صيحات عقلاء الغرب اليوم لإلغاء الاختلاط إلا أكبر دليل واقعي على خطورة الاختلاط .
فهم لا يُنادون بذلك حرصا على الدين ! ولا تشددا !!! بل حرصا على مجتمعاتهم وحياتهم .
800 ألف امرأة حامل / 400 ألف منهن خارج العلاقات الزوجية من تقرير حكومي بريطاني !!
1528930 حالة إجهاض في الولايات المتحدة خلال سنة واحدة
كل هذا نتيجـــــــة مــــــــــاذا ؟؟؟
أكَان نتيجة القعود في البيوت والقرار فيها ؟؟؟؟
أو نتيجة عدم قيادة المرأة للسيارة ؟؟؟!!!
أو نتيجة عدم عمل المرأة العمل المختلط ؟؟؟
بل نتيجة سيئة مِن نتائج الاختلاط
وجريمة بشعة جَـرّت إليها تلك الدعاوى
عفواً : هذا مِن مجتمعات غربية لا تُؤمن بالله واليوم الآخر !
ولكن ماذا عن المجتمعات العربية
هذا مثال :
دراسة أعدها مركز دراسات المرأة والطفل بالقاهرة على (1472 فتاه وامرأة ) تبيّن أن :
أن النساء العاملات بالقطاع الخاص يتعرضن لمتاعب كبيرة من جانب الرؤساء والزملاء الرجال .
70% تعرضن إلى مضايقات وإهانة في أماكن عملهن
54% من المضايقات تأخذ شكلا جنسيا
30% معاكسة بالألفاظ الجارحة
17% التحرش الجنسي
23% منهن لديهن حالة من الخوف والإحباط والارتباك والخوف بسبب المضايقات وتولد لديهن إحساس بالإهانة والغضب والرغبة في الانتقام والمواجهة
50% رأين أن العمل خارج المنزل أكثر إرهاقا من العمل داخل المنزل
وهذا في السعودية :
دراسة للدكتور / إبراهيم الجوير أستاذ علم اجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية :
35% من الموظفات السعوديات يعملن بدافع الرغبة لتحقيق الذات
34%لشغل أوقات الفراغ
24% للصرف على أسرهن
45% يشعرن بالتقصير تجاه أسرهن
50% يرغبن ترك الوظيفة
67% يشعرن أن العمل يمثل لهن مجهودا مزدوجا أو إضافيا
40% يضطررن إلى ترك أولادهن عند الخادمة
42% يتركن أطفالهن في معية الأهل
18% في دور الحضانة
وهذا لم آتِ به من عندي بل وفق دراسة تَمّت قبل سنتين .
كما أن هذه ليست أسرارا بل نُشِرت في وسائل الإعلام المقروء .
فكم هي المفاسد المترتبة على عمل المرأة وعلى خروجها من بيتها وتركها له ؟؟؟؟؟
وما تُحققه المرأة مِن دَخل هو أقل وأحْقر مِن المكاسب في بَقائها في بيتها حتى في لغة الأرقام ، وفي أقوال الغربيين ، وليس في أقوال السلفيين !!!
ثم إن دور المرأة في مَنْزِلها أثمن من أي عمل .
وهذا ما تؤكده الدراسات الحديثة بالأرقام أيضا ؛ فمن ذلك :
دراسة نشرتها إحدى أكبر شركات التأمين البريطانية على مليون امرأة ووقع الاختيار على أم بَيْت مُتَفَرِّغة فجاءت النتائج المثيرة : إن المرأة المتفرغة للبيت تعمل 19 ساعة في أعمال البيت وهي المربية والممرضة والمسؤول الأول عن إدارة الشؤون المالية للبيت ..
إضافة لذلك – فحسب دراسة بالتقييم المادي البعيد عن العواطف – كانت المرأة المتفرغة للمنزل هي أثمن شيء تمتلكه الأسرة . انتهى .
بل قال أحد علماء الإنجليز : ( من الخطأ الكبير أن يُقال إن الرجل بما يُنفقه من إيراده على الدّار هو العائل الوحيد للأُسـرة ، فالمـرأة تُؤدّي عملاً كذلك ، ولو قُوِّمَتْ الأعمـال التي تَقُومُ بها في الـدّار بالمـال ، لَرَبَا – زاد – أجْرهـا في كثير من الحالات على ما يُنفقه الرجل )
ومعنى هذا أن المرأة إذا خَرَجَت لتعمل خارج بيتها تَرَكت أثمن مما بَحَثت عنه ، ونتج عن ذلك إهمال البيت والأولاد ، كما تُثبت ذلك الأرقام والإحصاءات ، ولا أريد أن أطيل بسردها .
وقد نشَرَتْ الدكتورة ” أيدا أيلين ” بحثـا بيّنَتْ فيه : أن سبب الأزمات العائلية في أمريكا ، وسِرّ كثرة الجرائم في المجتمع ، هو أن الزوجـة تركت بيتهـا لِتُضاعِف دَخْل الأسرة ، فزاد الدّخل ، وانخفض مستوى الأخلاق !!!
هل هذا ما يُراد بمجتمعاتنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وعمل المرأة في أكثره تَـرَف لا غير !
وقد نُشِر في إحدى المجلات الألمانية مقالاً جاء فيه :
كانت المرأة الألمانية تُفتّش عن أناقتها .. وتعتني بإنجاب الأطفال وتربيتهم ، إلا أن تغييرا كبيرا طرأ على حياتها اليوم ، فأضحى همّهـا الأول أن تعمل من أجـل كسب المال وجَمْعـِه ، بِغضّ النّظر عن حاجتها إليه أو عدمها ، فكثيرات أولئك اللاتي يعملن مِن أجْـل شِـراء سَيّارة !!
بل لقد قـال أحـد أركـان النهضـة الإنجليزيـة ، وهو “سامويل سمايلس” : إن النظـام الذي يقضي بتشغيل المـرأة في المعامل – مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد – فإن النتيجة كانت هادمـة لبنـاء الحياة المنزلية ، لأنه هاجم هيكـل المنزل ، وقـوّض أركـان الأسـرة ، ومـزّق الـروابط الاجتماعية . انتهى .
فهل هذا يُراد من وراء عمل المرأة ؟؟؟!!!!!
والأرقام والحقائق تطول وتطول ، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق .
من أي منظار تُريدها بالضبط ؟؟؟
من منظور شرعي : الاختلاط مُحَرَّم . ( وسبق سياق بعض أدلة تحريمه ) .
من منظور مادي بحت : ( المرأة المتفرغة للمَنْزِل هي أثمن شيء تمتلكه الأسرة )
و ( المرأة المتفرغة للبيت تعمل 19 ساعة في أعمال البيت وهي المربية والممرضة والمسؤول الأول عن إدارة الشؤون المالية للبيت )
من منظور أخلاقي : ( فَزَاد الدّخل ، وانخفض مستوى الأخلاق !!! )
وقد وضعتُ سابقا رابطا لموضوع سبق أن كتبته بعنوان : أربع أمنيات لأربع نساء غربيات .
يتمنّين لو عادت عجلة الحياة فلم يعملن
يتمنّين العودة إلى ((( الحــريــم ))) كما أسْمَـوه !!!
بل إن دراسة أُجريت على شَريحة مِن ((( الأمريكيات ))) جاء فيها :
نسبة 87% قُـلْـنَ : لو عادت عجلة التاريخ للوراء لاعتبرنا المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة ، وقَاوَمْنَا اللواتي يَرْفَعن شِعَاراتها .
فماذا نقول عن مطالب الاختلاط والعمل المختلط ، ونحن أهل الإســلام ؟؟؟
هل نقول بلسان ((( الأمريكيات ))) إنها مؤامرة ضد الإسلام ؟؟!!
ولاحظ قول (( الأمريكيات )) : مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة !!!
ليس ضد المرأة فحسب بل ضد الولايات المتحدة !!!
وأما دعوى البطالة فهي مَردودة ، ففي أي مكان تعمل المرأة يَرْجِع مَردود ذلك على الرجل ، فتعمل النساء ، ويُصَاب الرِّجال بالبَطَالة !
فمن سَوف يوظِّف رجلاً ، وهو يجد الفتاة المناسبة ( سكرتيرة ) !!! يتحرّش بها الصبح وآخر النهار !!!
وربما عقد معها اجتماعا مُغلقا قد يمتد إلى ساعات !!!
ونتيجة الاجتماع أحيانا قد تظهر بعد تسعة أشهر !!!
هذا ما يُريده الشهوانيون !!!
وأما قولك : (( وليس صحيحاً البتة أن الحرة تموت و لا تكتسب بأثدائها ))
هذا بمنظورك أنت وحدك !!!
أما أهل الغيرة من الرجال والنساء فيأبون ذلك .
بل يموت الْحُـرّ جوعا ولا يستجدي الناس !
وتموت الْحُـرّة ولا تأكل بثدييها !
بل إن هذه العبارة (تموت الْحُـرّة ولا تأكل بثدييها) إنما قِيلت عن الرضاعة !
قال الطيبي : الجوع ليس مقصودا لِعَينه ، ولكن لكونه مانِعًا مِن الرضاع بأُجْرَة ، إذ كانوا يكرهون ذلك أنفا . اهـ .
ولأن تلقى ربها وهي قد ماتت جوعا ، خير له مِن أن تَلْقَاه فاجرة .
إلا إذا كان تحريم الزنا لم يثبت عندك ؟؟!!!!
لا أدري ربما يكون عندك خبر آحاد رغم أنه في كتاب الله !!!!
وأما زعم الكاتب أن رفع شعار ” منع الاختلاط ” جئنا به نحن ، فهذه دعوى لا تثبت على قدم ! ولا يشهد لها عقل ولا نصّ !
فها أنت ترى أن الغرب بل وبعض بلاد العُرب أصبحوا يُنادون بتجريم الاختلاط !!!
فهل تشددت أمريكا يوم رفعت شعار محاربة الاختلاط ؟؟؟!!!
وهل تزمّـتت بريطانيا يوم أقرّت منع الاختلاط ؟؟؟؟
وغيرها مما هو معلوم .
وسبق أن سقت لك الأدلة على منع الاختلاط حتى في الطواف ، وليست آراؤنا الذاتية ، بل هذه روايات ثابتة عندنا وليست المسألة آراء شخصية أو تقاليد وعادات وأعراف .
مع العلم أن بعض تلك الروايات في صحيح البخاري عن عائشة وأم سلمة – رضي الله عنهن – .
فليست هذه آراؤنا فحسب
ولا عاداتنا فقط
ولا فهما فهمناه
بل هو دين نَدِين الله به .
وإن أبيت إلا أن تُجهز على الأدلة بِحُجّة خبر الآحاد ، فأجهز على رسالات الرُّسـل لأنهم آحاد !
والله المستعان .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الرياض – صبيحة الجمعة 28 / 6 / 1423 هـ
==================
ثم كتب الكاتب ردًّا عليّ :
أعود إلى رد الشيخ الأخير . وأبدأ بقوله الذي بدأ به ، رداً على ملاحظتي على رده أنه متهافت منطقياً ، لجهل الشيخ بهذا العلم . قال حفظه الله من كل سوء : [[ لئن أجهل قواعد المنطق خير لي من أن أجهل قواعد الاستدلال بالكتاب والسنة >فالأولى جهلها لا يضر ، والثانية جهلها قد يصل إلى حد الكفر ، إذ القول على الله بغير علم قرين الشرك . ]] . إذن فالجهل بالمنطق ، وعدم الاهتمام به ، والضرب به عرض الحائط (( لا يضر)) !!! . كيف بالله عليك ، وهذه مفاهيمك ، وقولك ، تريد منا أن نحترم علمك ، فضلاً عن أن نحترم مقولتك التي هي في غاية الجهل …
المنطق ـ يا سيدي ـ هو علم ” الرياضيات ” ، ورفضك للمنطق ، يعني أنك ترفض بالضرورة الرياضيات . ولك أن تخبرني حفظك الله كيف سنقيم حضارة ، وكيف سنجاري الأمم ، وشيخنا يقول : المنطق علم لا ينفع و جهلٌ لا يضر ! . تصور أن مثل هذا القول تلفظت به في محفل عالمي للحوار بين الثقافات ، وقلت : أن الإسلام ضد المنطق و تعليمه ؟
ثم .. لماذا أعتبرت أن جهل المنطق خير لك من أن تجهل قواعد الاستدلال بالكتاب و السنة ؟
ألا يمكن أن تجمع بين هذه و تلك ، إلا إذا كانَ الجمعُ بينهما متضادين ؟ أرأيت كيف أن الجهل بالمنطق يورط صاحبه ، ويظهره بمظهر المرتبك المتهافت ؟ . واخيراً من قال لك أنني حينما أنتقد قواعد السلفيين فأنا بالتالي أقول على الله بغير علم ؟ ..
ما هي علاقة هذه بتلك ، أو المقدمة بالنتيجة ؟ .. فتلك القواعد و المعايير هي في نهاية الأمر اجتهاد رجال ، والقول على الله بغير علم لا علاقة له البتة بنقد الرجال و لا مصنفاتهم ولا معاييرهم : ( كلنا رادٌ و مردود عليه إلا صاحب هذا القبر ) . أليس كذلك ؟ . ثم لماذا تلجؤون دائماً إلى التهديد بـ” سيف الكفر” كلما إختلفَ أحدٌ معكم ، أليسَ هذا دليل ضعف ؟ ..
============
قرأت ردّه الأخير فبدا لي أن أردّ بِـرَدّ أخير :
قلتُ : هذا يُبيّن مدى جهل الذي سوف ينتقد الدِّين تحت مسمى ” رَدّ أحاديث الآحاد ” أو تحت مسمى ” نَقْد السلفية ” أو تحت شعار ” وضع المرأة السعودية “
وإن اختلفت المسميات فالْمُحَصِّلة واحدة .
قلتُ : هذا يُبين عن مدى جهله باللغة ، حيث فهم من قولي : [[ لئن أجهل قواعد المنطق خير لي من أن أجهل قواعد الاستدلال بالكتاب والسنة … ]]
أنه جهل بها ، ثم بنى على فهمه هذا ما أعقب به قولي .
بدليل أنه قال فيما بعـد :
(( فهو افتراء ، لأنك تعترف أنك جاهل في ” المنطق ” فكيفَ إكتشفت هنا أنه لا يتماشى مع المنطق وأنت تجهله ؟! ))
قلتُ : هذا يدل على جهل شديد بلغة القرآن .
فليست عبارة ” لئن أفعل ” تدل على وقوع الفعل بكل حال .
قال الله تبارك وتعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِّن بَعْدِهِ ) .
وقال صلى الله عليه على آله وسلم عن الخوارج : يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم . يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان . يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية . لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد . رواه البخاري ومسلم .
فهل يلزم من ” لئن ” الوقوع ؟؟؟؟
ولا أدري عندما قرأت رد الكاتب قَفَز إلى ذهني المثل القائل : رَمَتْنِي بِدَائها وانْسَلَّتْ !
ولا أدري لماذا تبادر إلى ذهني أيضا عنوان كتاب أبي حامد الغزالي : تهافت الفلاسفة !
وردّ الفيلسوف ابن رشد الحفيد عليه في ” تهافت التهافت !
وقد ردّ شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – على الجميع !
ولكي يَعلم القارئ بمقصدي من ذلك أن من علِم قواعد الاستدلال بالكتاب والسنة ، وفاتَه المنطق فإن ذلك لا يَضُرّه .
ومَن عَلِم المنطق وفاتته قواعد الاستدلال وقع فيما وقع فيه الفلاسفة والمناطقة – قديما وحديثا – من هرطقة وزندقة .
كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في كتابه الرد على المنطقيين .
فهم أهله وأساطينه ومن يدّعون معرفته ، ومع ذلك ردّ عليهم – رحمه الله – .
وأما قولك :
((أرأيت كيف أن الجهل بالمنطق يورط صاحبه ، ويظهره بمظهر المرتبك المتهافت ))
بل أرأيت أيها الكاتب كيف أن الجهل بقواعد الاستدلال بالكتاب والسنة هو الذي يورّط صاحبه ويفضحه على رؤوس الأشهاد !!
فمن يُريد ردّ أحاديث الآحاد وانتقادها … يستدلّ بِحديث مَوضوع مكذوب !!!
وهذا حقيقة مَن لا يَعْرِف ما يَخرُج مِن رأسه !!
ألست المُستدلّ بحديث ” خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء “
خـُــذ هذه فرصــة
لك عــام كامــل !!!
ابحث
فتش
نَقّب
اسأل
ثم ائتني بدليل أو أثارة مِن عِلْم على أنه حديث ضعيف فضلاً عن أن يكون حديثا صحيحا !!!!
وقد قلتُ سابقا :
إن هذا الكاتب أَبَى إلاَّ أن يكشف عن مَدى جَهله !
وأَبَى إلاَّ أن يحشر نفسه مع زمرة الوضّاعين الكذّابين الذين يكذبون على رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم .
ألم يَقل عليه الصلاة والسلام : مَـنْ حـدّث عني بِحَدِيث يُرَى أنه كَذِب فهو أحــد الكاذِبين .
وضُبِطت : أحد الكاذِبِين
و : أحد الكاذِبَيْن
فأنت برواية الحديث الموضوع دون أن تبيّن حاله أحد الكاذبين ، شئت أم أبيت !
فأنت أولى وأحق بـ ((أرأيت كيف أن الجهل بقواعد الاستدلال بالكتاب والسنة يورّط صاحبه ، ويظهره بمظهر المرتبك المتهافت )) !!!!!!!!!!!!
وأما قولك :
(( ولعل أهم مغالطة احتواها ردك ، هو خلطك بين حق المرأة في العمل ، و الاختلاط بين الجنسين في مقاعد الدراسة . وكل الإحصاءات التي اتكأتَ عليها تتحدث عن الاختلاط في التعليم وليس في العمل ))
أليست المرأة السعودية – على وجه الخصوص – تعمل في عدة مجالات . أليس كذلك ؟
الجواب : بلى
ولا يُنكر ذلك إلا جاهل أو مكابر !
ولكنك أنت لم ترضَ بهذا !
وإنما أردتها أن تشارك الرجل في كل مجال ، وفي كل عمل !
وأما قوله :
(( … ناهيك عن اللغة الخطابية المفعمة بالعواطف الجياشة ، والبعيدة كل البعد عن العقلانية والسياق المنطقي المترابط ، وفهم روح العصر ، أي موقف متخلف سنجد أنفسنا فيه أمام الآخر ، وأي صورة مشرقة عن إسلام معاصر سنقدم ؟! ))فقط هذا الذي يَهمّه ( لا يفشلنا قدّام الغرب ) !!!!!!!
يقولون عنا : ( متخلفين ) !!!!
روح العصر !!!
الإسلام الحديث ( مودرن ) !!!!
حتى بعض الأمريكان يُطالبون بإسلام أمريكي !!!
وقول الكاتب :
(( أريدك فقط أن تعود إلى كتاب الشيخ محمد الغزالي رحمه الله والذي كان بعنوان ” السنة بين أهل الفقه و أهل الحديث ” … ))
أقول : لقد أنكر الشيخ – عفا الله عنه – بعض الأحاديث المتواترة !!!
فهل أنت سائر على خُطاه …
وهذه المحصلة والنتيجة الحتمية لمن حَكّم عقله في نصوص الوحيين ( الكتاب والسنة )
وقول الكاتب :
(( وكل الإحصاءات التي اتكأتَ عليها تتحدث عن الاختلاط في التعليم وليس في العمل ))
أقول : هذا محض افتراء !
فقد قلت فيما سبق :
800 ألف امرأة حامل / 400 ألف منهن خارج العلاقات الزوجية من تقرير حكومي بريطاني !!
1528930 حالة إجهاض في الولايات المتحدة خلال سنة واحدة .
فهل قلت إن هذه في التعليم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وقلتُ أيضا :
في دراسة أُجيرت على شريحة من المجتمع الأمريكي تبيّن أن :
80 % يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والأولاد .
فهل تفهم بلغتك الفصحى أن ( تجاه العمل ) أنه يُقصد به ( التعليم ) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وهل تفهم من هذا :
دراسة أعدها مركز دراسات المرأة والطفل بالقاهرة على (1472 فتاه وامرأة ) تبيّن أن :
أن النساء العاملات بالقطاع الخاص يتعرضن لمتاعب كبيرة من جانب الرؤساء والزملاء الرجال .
70% تعرضن إلى مضايقات وإهانة في أماكن عملهن
هل تفهم أن أماكن عملهن هي قاعات الدراسة ؟؟؟!!!
راجع الدراسة التي قام بها د . الجوير . هل هي على عاملات أو على متعلّمات ؟؟؟؟
أم أنها السطحية في القراءة والرد ؟؟؟
أو الرد لأجل الردّ والانتصار للنفس ؟؟؟
أدعوك للقراءة بتمهل ثم الردّ !
أخيرا :
أودّ أن أسأل الكاتب بعض الأسئلة – والتي أرجو أن لا يضيق بها ذرعا – :
وبعضها سوف أُقدّم لها بأسئلة بدهية وأُجيب عليها .
هل أنت مسلم ؟
الجواب : طبعا مسلم .
هل تُصلي ؟
نعم .
هل الحج من الإسلام ؟
أكيد .
هل الزكاة ركن من أركان الإسلام ؟
نعم . فهي في القرآن ، وليست في أخبار آحاد .
إذا أجبني :
كم مرة تُصلي في اليوم والليلة ؟
هذه ما تحتاج سؤال . الصغير والكبير يعرفها .
كم تطوف لو حججت بيت الله ؟
كسابقتها .
إذاً نتفق أن هذه مُسلّمات .
من أين أخذت – أصلح الله قلبك وهداك – أن الصلوات خمس ؟؟؟
هل هي كذلك في كتاب الله ؟؟
أو جاءت بها أخبار متواترة ؟؟ أو أحاديث آحاد ؟؟
إن قلت : متواترة … فعليك إثبات ذلك .
وإن قلت آحاد … فَلِـمَ تُصلي في اليوم والليلة خمس صلوات ؟؟؟
ومن أين أخذت أن الطواف بالبيت سبعة أشواط ؟؟؟
هل تجد ذلك في كتاب الله ؟؟
أو جاءت بها أخبار متواترة ؟؟ أو أحاديث آحاد ؟؟
إن قلت : متواترة … فعليك إثبات ذلك .
وإن قلت آحاد … فـَـلِـمَ تطوف بالبيت سبعة أشواط ؟؟؟
وهكذا في كل فرائض الإسلام المعلومة من الدِّين بالضرورة !!
لكي تكون مُطَّرِدًا مع نفسك … عليك أن تكتفي بالقرآن ، وتكون قرآنيا !
الذين أخبر عنهم الصادق المصدوق بقوله : ألا هل عسى رجل يَبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه ، وما وجدنا فيه حَرَامًا حَرّمْنَاه ، وإن ما حَرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حَرّم الله . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
ولك سَلف في هذا .
لك إمام في هذا القول فلن تأتي ببدع من القول .
نعم إمام الثورة الجماهيرية الشعبية في كتابه الأخضر .
إمام … لقوله تعالى : ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ )
قُل كما قال : كتب الحديث كُتب دراويش !!
ثم اعمد إلى كتاب الله فامسك القلم الأحمر وعدّل فيه ما تراه خاصا بالنبي صلى الله عليه على آله وسلم ؛ كَلَفْظ ( قُل ) !!!
أو عدل آيات المواريث لأنها لا تتماشى وروح العصر ! ووضع المرأة !
ولك سلف في ذلك …
فقد زعم ذلك وأراده إمام آخر … هو جار الإمام الأول !!!
جاره عقلاً وأرضا ودولة !!!
ما بعد الأخير ! :
كم كنت أتمنى أن يُدافع الكاتب عن الإسلام – ولو مرة واحدة – بدل الهجوم المتكرر !!
كم كنت أتمنى أن يُدافع عن الإسلام بقدر دفاعه عن الغرب !!
حيث قال :
(( لا يا سيدي . فالغرب مجتمع ديمقراطي ، يهتم أولَ ما يهتم بالحريات ، فلا يقمعها ، ولا يكبتها ، ولا يلجأ إلى الإقصاء ، واغتيال المخالف ، أو إهدار دمه ، وإنما للجميع دون استثناء أن يقول رأيه بمنتهى الحرية . لذلك فالرأي إذا لم يكن يحظى بقدر من القوة و الإقناع و العقلانية يبقى لا يمثلُ إلا صاحبه فقط . لأنه لو كان قوياً مقنعاً معقولاً ، لارتقى إلى أن يكون أداة تغيير فعالة على مستوى المجتمع . وكل الآراء التي اعتمدت عليها ، وأوردتها كحجة ، لا تمثلُ الغرب كتوجه فلسفي أو حتى أخلاقي ، عام ، وإنما تمثلُ أصحابها ، وأصحابها فقط . وهي في الغالب الأعم من قبيل الشذوذ الذي يؤكد القاعدة كما يقول المنطقيون ولا ينفيها . ومن المعروف أن الآراء التي تكون بهذه الدرجة من الضعف لا تصلح للإستدلال لأنها تثبت العكس تماماً ))
كُـن مُنصفاً … وأعطِ دينك بعض هذا الدفاع أو ثلثه !!!!!
أو على الأقل كُـف عن الهجوم عليه !!!
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم