رأيتهن … في صحراء قاحلة !
من شمال المملكة إلى جنوبها
امتطيت صهوة سيارتي
قطعت المفاوز
وجـُـزت القفار
وفي منتصف الطريق
رأيتهن … !!
منهن من وقفت !
ومنهن من جلست
يترقبن الحدث
ينتظرن يوماً مشهوداً
تذكرت وقوف الناس
واجتماعهم وازدحامهم في الميقات
ثم أجَلْتُ النظر فإذا :
هذا واقف وذاك جالس وثالث يمشي
ورابع قد اتكأ على أريكته يبتغي من فضل الله
وخامس يشهد منافع له
وسادسة تجلب بضاعتها … وهكذا
زحام شديد
في برد ومكان بعيد
لا تتوفر فيه وسائل الراحة بل وسائل الحياة
قد اختلط الحابل بالنابل
واجتمع رجال ونساء
وأناســيّ وأنعـــام !!
وكان يُجمع لذلك اليوم المشهود من منتصف شهر رمضان !
كان ذلك في جـوف تلك الصحراء القاحلة
حيث تنقطع ظهور المطيّ
وحيث يهلك أناسٌ تنقطع بهم وسائل المواصلات
فتساءلت والأسى يمضع القلب
والألـــم يعصر الفــؤاد
ما الذي جَمَعَ هؤلاء ؟؟
ولِـمَ اجتمـــعـــــوا ؟؟
وكيف اجتمعوا في هذا المكان ؟؟
وفي هذا الوقت بالذات ؟؟
فجاء الجواب ليزيد الحرقة حرقة
ويجعل الأسى مآسي
جاء الجواب وليته لم يأت !
جاء الجواب :
إنما اجتمع هؤلاء
وازدحم أولئك
وتجمهر هذا الجمع
لاختيار ملكة جمال
ملكة جمال ؟!
إي ورب الكعبة !
لكنها من نوع آخر
ومن عالـم آخـــر
لهـــــا خـــدٌّ أســيل !!
وطرف ليس بالكحيل !!
وجـِـيـِـدٌ طويل لو تعلق به صبيٌّ لحمله !!
كان ذلك المشهد لمرور على ميدان فسيح
لاختيار ملكة جمال الإبل !!!
إيه أمتي
إيه أمتي
بُـنيّاتك تُنتهك أعراضهن في كشمير
وأبناؤك تُراق دماؤهم في فلسطين
وتسفك على ثرى الشيشان
وتهراق على ذرى جبال أفغانستان
وفئام من أبناءك يهرعون خلف ناقة !!
يقيمون ثمنها بالملايين !!
وتحصد الجوائز !!
وتفوز بالسيارات !!
فـآه ثم آه
بل ألف آه
بل مليون آه
لو كان خلال الرماد وميض نار
ولكن لا حياة لمن تنادي
أيا أمتي
أليس صديق هذه الأمة قد أنفق ماله في سبيل الله
وليس في سبيل ناقة أو باقة
ألستِ من هدم الأصنام ولو كانت من ذهب ؟؟
أليس بَـنُوكِ من ركلوا أكوام الأموال ؟؟
أليسوا كما قال إقبال :
كُـنـّـا نرى الأصنام من ذهب **** فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
أين تكالب أولئك على حطام الدنيا وزخرفها
أين هم عن المساجد ؟؟
أين هم عن رياض الجنة وحلق الذِّكر ؟؟
يا أمتاه
ذاك ماضيك وهذا حاضرك
ذاك مجــدٌ صنعــه طُــلاّب الآخــــرة
وهذا زيفٌ صنعته أيدي طلاّب الدنيا !!
وشتان شتان
بين عباد الدنيا … وعباد الرحمن
ويا أمتي
يا أمتي لست عقيمة *** ما زلتِ قادرة على الإنجاب
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم