محاضرة قصيرة بعنوان … دروس وعبر من يوم عاشوراء
المحاضرة مرئية هنا :
الحمدُ للهِ الذي وَعَدَ أولياءَه بالنصرِ والتمكينِ ، وتَوعّدَ أعداءَه بالذُّلِّ والخُذلانِ المبينِ .
في مثلِ هذا الشهرِ تواعَدَ حِزبُ الشيطانِ ، وتَوعّدوا أولياءَ الرحمنِ
فجُمِعتْ الجموعُ ، وحُشِدتْ الحشودُ ، وجُيّشتْ الجيوشُ
فاستعدَّ رأسُ الكُفرِ ورئيسُهِ لاستئصالِ الفئةِ المؤمنةِ
قال ربُّ العِزّةِ سبحانَه وتعالى : (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ)
لماذا يَحشِدُ جُنودَه ؟
(إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ)
عجيبٌ أمرُه !
أوَ يَخشى الإلهَ ويُحاذِرُ ؟ أين ما كان يَدّعِيه مِنَ الربوبيةِ ؟
قال سبحانه : (فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّات وَعُيُون * وَكُنُوز وَمَقَام كَرِيم * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ)
أي عندَ طلوعِ الشمسِ .
ثم ماذا ؟
(فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ) ورأى كلُّ فريقٍ خَصمَه .
(قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) أي لا مَحَالةَ ، ولا مَفرَّ ، فالبَحرُ مِن أمامِنا ، والعدوُ مِن خلفِنا بقضِّه وقَضِيضِه ، بِخَيْلِه ورَجِلِه ، بِعُدّتِه وعَتَادِه .
فماذا كان موقفُ نبيِّ اللهِ موسى عليه الصلاةُ والسلامُ ؟
هو مَوقفُ الواثقِ باللهِ ونَصْرِه .
(قَالَ كَلاّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) فيأتيه الفَرَجُ والنَصْرُ :
(فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ) ماذا يضربُ بها ؟
عصا صغيرة كان يتوكأُ عليها ، ويَهشُّ بها على غَنَمِه .
يَضرِبُ بها البَحرَ العَظيمَ المتلاطمَ .
(فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ)
لتبقَ هذه القصةُ عِظةً وعِبرةً ، ولذلك قال اللهُ بعد سياقِ هذه القصةِ : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
قال ربُّ العِزّةِ سبحانه في أخبارِ آلِ فرعونَ : (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْء لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيب * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)
فكانت العاقبةُ للمتقينَ ، كما كان موسى يقولُ لقومِهِ مِنْ قبْلُ : (اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) .
قال اللهُ عز وجل : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إسرائيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ)
فهل شَكَرَ بنو إسرائيل هذه النّعمةَ يومَ أنْ أنجاهُم ربُّهم سبحانَه وتعالى من عدوِّهم؟
استمِعْ إلى قولِ اللهِ جلَّ جلاله : (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْم يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَام لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ)
أما نبيُّ اللهِ موسى عليه الصلاةُ والسلامُ فَقَدْ شَكَرَ اللهَ عز وجل على ما أوْلاهُ مِن نِعْمَـةٍ ؛ فصَامَ ذلك اليومَ شُكرا للهِ عز وجل .
وفي هذا دليلٌ على أنَّ الشكرَ العَمَليَّ أبلغُ مِن الشكرِ بِالقولِ فحَسْبُ .
قال اللهُ عَزّ وَجلّ لآلِ داودَ عليه الصلاةُ والسلامُ : (اعْمَلُوا آَلَ دَاوُدَ شُكْرًا)
قال ابنُ جريرٍ في تفسيرٍه : يقولُ تعالى ذِكْرُه : وقُلنا لهم اعمَلوا بِطاعةِ اللهِ يا آل داودَ شكرًا له على ما أنعَمَ عليكم مِنَ النعمِ التي خَصَّكم بها عنْ سائرِ خَلْقِه ، مع الشكرِ له على سائرِ نِعَمِه التي عَمَّكم بها مع سائرِ خَلْقِه . اهـ .
هذا كانَ هو الدّرسُ الأولُ
أمّا الدرسُ الثاني ؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجَلّ يُمْهِلُ ولا يُهمِلُ .
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ : (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) . رواه البخاري ومسلم .
أمْلَى اللهُ تبارك وتعالى لِفرعَونَ وأقام عليه الْحُججَ والبراهينَ ، وجاءتْه الآياتُ الواضِحاتُ والدلائلُ البيّناتُ والبَرَاهينُ السّاطِعاتُ .. (فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ)
وفي تفسيرِ ابنِ جريرٍ أنَّ فِرْعَونَ مَلَكَهُمْ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ ..
وبعَثَ اللهُ موسى عليه الصلاة والسلام بعد مُضيِّ أربعين سَنَةً مِن عُمرِه ، ثم دَعا موسى عليه الصلاة والسلام فِرْعَونَ حتى إذا أيِسَ مِنه دَعا عليه : (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) فقال اللهُ عزّ وجَلّ : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) .
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : يَقُولُونَ : إِنَّ فِرْعَوْنَ مَكَثَ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً . ذَكَرَه ابنُ جرير في ” تفسيره ” .
فاللهُ عزّ وجَلّ لا يُعاجِلُ بالعُقوبةِ ، فيَظُنُّ صِغَارُ العُقولِ عند ذلك أنهم على حَقٍّ ! وقد حَكَى اللهُ تباركَ وتعالى عن كُفّارِ قريشَ أنَّهم قالوا : (إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) .
الدرس الثالث :
أن في حِكَمِ الله وحُكْمِه : أن مَن مَكَر مُكِرَ به ، ومَن يُغالِبِ اللهَ يُغلَب .
وأن اللهَ يَستدرِجُ الإنسانَ ولا يُغني عن الإنسانِ حذَرُه : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) .
كان فِرعونُ على حذَرٍ مِن زَوالِ مُلكِه ، وخَرَجَ بِنفسِه لِمَا فيه هلاكُه ، حتى خاضَ البحرَ ثم انطَبَق عليه ! (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) .
وفي حِكْمَةِ الله عزّ وجَلّ : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)
وأن كَيدَ الكائدين راجِعٌ إليهم ، ومَكرَهم مُحيطٌ بِهِم .
وأن قضاءَ الله نافِذ ، ومَشِيئتَه تامَّة ، لا رادَّ لِقضائه ، ولا مُعقِّبَ لِحُكمِه .
ومِن لَطيفِ تدبِيرِ الله عزّ وجَلّ : أن يُولَدَ موسى عليه الصلاة والسلام في السَّنَةِ التي كان فِرعونُ يَقتُلُ فيها الأطفال ، ويُساقُ موسى إلى قصرِ فِرْعَون ، فيُنجّيه الله إتماما لِحُكمِه وتنفيذًا لِوعدِه (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) ، وفوق هذا : يُمْكَرُ بِفرعَونَ ويُردُّ موسى إلى أمِّهِ وتُرضِعُه بأُجْرَةٍ مِن فرعون !
كأنه يُقال لِفرعَون : أرأيتَ ما كُنتَ تحذَر ؛ ها قد سُقْناه إلى قَصْرِك وبينَ يَدَيك !
هُم بَدّلُوا نِعمة الله كُفْرًا : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ)
لقد كان القومُ في نِعْمَة ، فأصبَحوا في نِقْمَة (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ) .
الدّرسُ الرابع : مِن دُروسِ يومِ عاشوراءَ : الفَرَحُ بِموتِ الكافِر والفاجِر
بل جميعُ المخلوقاتِ تَفرَحُ وتَرتاحُ إذا ماتَ الكافِرُ والفاجِر
وفي الحديث : الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَال لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ ، فَأَدُسُّهُ فِي فِيِّ فِرْعَوْنَ . رواه الإمام أحمد والترمذي وحسّنه ، وصححه الألباني بِمجموع طُرُقه .
وأنه يَجوزُ الدّعاءُ على الكفّارِ، وفي دُعاءِ موسى وهارونَ عليهما الصلاة والسلام: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) .
الدّرسُ الخامس : مِن دُروسِ يومِ عاشوراءَ : أن صَولةَ وجَوْلَةَ الباطِلِ وانْتِفاشَتَه مهما عَظُمَت إلى سِفَالٍ وزوَال .
كَم حاوَل فِرْعَونُ أن يُضَلِّلَ الناسَ بالسِّحْرِ وتَقْريبِ السَّحَرَةِ ، ثم كان مآلُ السحرةِ أنْ آمنوا قبلَ غيرِهم .
وأن الباطِلَ يَذْهَبُ ويَزْهَقُ ، وأن الحقَّ أبْقَى وأوْثَقُ .
وأنّ وَعْدَ اللهِ حقُّ ، وأنّ النّصْرَ للمُؤمِنين إذا حَقّقُوا الإيمان : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) .
الدّرسُ السادس :
أننا أُمّةُ اقتداءٍ واتِّبَاعٍ للرُّسُلِ ، ولذا لَمّا ذَكَرَ اللهُ جُملَةً مِنْ رُسُلِه قالَ : (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ) .
ونحن أوْلَى بالأنبياءِ مِنْ الأُمَمِ الأخرى ؛ لأنهم بَدّلُوا وحرّفُوا دِينَهم ، ولذلك قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنْ صيامِ عاشوراءَ لأَصْحَابِهِ : أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوا . رواه البخاري ومسلم .
وفي روايةٍ : فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ . فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ .
وفي هذا تَسلِيةٌ للمُؤمنين : فالأنبياءُ صَلَّوا ، ونحن نُصلّي ، والأنبياء صامُوا ونحن نَصوم ، والأنبياء حَجَّوا ونحن نَحُجّ ، فلسنا على طريق الحقّ وحدَنا ..
ولَم يَكُنْ صِيامُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعدَ خَبَرِ اليَهودِ ، ولا كان مَبْنِيًّا على قولِ اليهودِ ، بِدليلِ ما جاءَ في حديثِ عائشةَ رضي اللهُ عنها : أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلمَ كان يَصومُ عاشُوراءَ ، فلمّا هاجَرَ إلى المدينةِ صامَه وأمَرَ بِصيامِه . رواه البخاري ومسلم .
وأمّا خَبَرُ يَهودَ ، وسؤالُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لهم عن صيامِ يومِ عاشوراءَ ، كما في حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال : لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالُوا : هَذَا اليَوْمُ الَّذِي أَظْفَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ . ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ . فهذا عنه أربَعةُ أجوبةٍ :
1- أن يكون أمَرَ بِصيامِه تأكيدا ، وكَرَّرَ الأمْرَ بِصيامِه ، وليسَ فيه نصٌّ على أنَّه لم يَصُمْه إلاّ بعدَ سُؤالِ اليهودِ وخَبَرِهم ، بدليلِ أنه كانَ يصومُه قبلَ الْهِجرةِ .
2 – أن يكونَ أمَرَ أمْرَ إرشادٍ بِصيامِ عاشوراءَ بعدَ أنْ فُرِضَ رمضانُ ، كما في حديثِ أبي قتادةَ الأنصاريِّ رضي اللهُ عنه مرفوعا وفيه : وسئلَ عنْ صومِ يومِ عاشوراءَ ؟ فقالَ : يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ . رواه مسلم .
3 – أن يَكونَ أرادَ إظهارَ ذلك لليهودِ ؛ لِقولِه عليه الصلاةُ والسلامُ : نحن أوْلى بِمُوسى منكم. وهذا يعني: إذا كُنّا أوْلَى بِموسى عليه الصلاةُ والسلامُ مِنَ اليهودِ ، فنحن نصومُه .
مع ما في ذلك مِنْ تأليفِ قلوبِ اليهودِ ، إذا رأوا تعظيمَ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ لِنَبِيِّ اللهِ موسى عليه الصلاة والسلام .
قال القرطبيُّ في ” الْمُفْهِم ” : الذي حَدَث له عند ذلك إلزامُه والْتِزَامُه استئلافًا لليهودِ ، واستدراجًا لهم . اهـ .
وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ : فإذا كان أصْلُ صومِه لم يكُنْ مُوافِقا لأهْلِ الكتابِ، فيكونُ قولُهُ : ” فنحن أحقُّ بموسى منكم ” تَوكِيدا لِصومِه ، وبيانا لليهودِ : أنَّ الذي يَفعلونَه مِنْ مُوافقةِ موسى نحن أيضًا نَفْعلُه، فنكونُ أوْلى بموسى منكم . اهـ.
4 – أنَّ الأمرَ بِصيامِ عاشوراءَ ليس اتِّبَاعا لأهلِ الكتابِ ، وإنما هو أمْرٌ بالاقتصارِ على الصيامِ دونَ غيرِه مما تفعلُه اليهودُ . كما تقدّمَ .
وأن يُعلَمَ أننا أوْلَى الناسِ بالأنبياءِ ، كما قال تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) .
وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ ، وَالأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلاّتٍ ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ . رواه البخاري ومسلم .
قال ابنُ الأثيرِ : أوْلاَدُ العَلاّتِ : الَّذِينَ أمَّهاتُهم مُخْتَلفةٌ وَأَبُوهُمْ واحِدٌ .
أرادَ أنَّ إيمانَهم واحِدٌ وشرائِعَهُم مُخْتَلِفة . اهـ .
الدّرسُ السابع :
أنّنا أُمّةُ تَميُّزٍ ، لسنا بأُمّةٍ تَبَعِيّةٍ وتقليدٍ ؛ ولذا لَمّا كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ اليَهُودُ عِيدًا، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : فَصُومُوهُ أَنْتُمْ . رواه البخاري ومسلم .
وفي روايةٍ لِمُسلِمٍ : كَانَ أَهْلُ خَيْبَرَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا وَيُلْبِسُونَ نِسَاءَهُمْ فِيهِ حُلِيَّهُمْ وَشَارَتَهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : فَصُومُوهُ أَنْتُمْ .
لَنَا مِن عاشُوراءَ : الاقتداءُ ، وليس لنا فيه الابتِداعُ والابْتِداءُ . لَنَا ما كانَ عليه الأنبياءُ ، وليس لنا ما زادَهُ الأتْبَاعُ مِن الابْتِداعِ
والفَرْقُ بين الاتِّباعِ والتقليدِ : أنَّ التقليدَ بِلا حُجّةٍ ، والاتِّبَاعَ اتِّبَاعٌ على هُدَى ودليلٍ.
قال ابنُ عبدِ البرِّ : وَالتَّقْلِيدُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ الاتِّبَاعِ ؛ لأَنَّ الاتِّبَاعَ هُوَ تَتَبُّعُ الْقَائِلِ عَلَى مَا بَانَ لَكَ مِنْ فَضْلِ قَوْلِهِ وَصِحَّةِ مَذْهَبِهِ ، وَالتَّقْلِيدُ أَنْ تَقُولَ بِقَوْلِهِ وَأَنْتَ لا تَعْرِفُ وَجْهَ الْقَوْلِ وَلا مَعْنَاهُ وَتَأْبَى مَنْ سِوَاهُ ، أَوْ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ خَطَؤُهُ فَتَتَّبِعَهُ مَهَابَةَ خِلافِهِ ، وَأَنْتَ قَدْ بَانَ لَكَ فَسَادُ قَوْلِهِ . وَهَذَا مُحَرَّمٌ الْقَوْلُ بِهِ فِي دِينِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . اهـ .
وقال القرطبيُّ في تفسيرِه : التقليدُ ليس طريقًا للعِلمِ ، ولا مُوصِلاً له ، لا في الأصولِ ولا في الفروعِ ، وهو قولُ جمهورِ العقلاءِ والعلماءِ . اهـ .
وقد بيَّنَ العلماءُ خَطَرَ الابتِداعِ
قال ابنُ القيِّمِ : البِدَعُ تَسْتَدْرِجُ بِصَغِيرِها إلى كبيرِها ، حتى يَنْسَلِخَ صاحِبُها مِنَ الدِّينِ ، كما تَنْسَلُّ الشَّعْرةُ مِن العَجينِ ، فَمَفَاسِدُ البِدَعِ لا يَقِفُ عليها إلاّ أربابُ البصائرِ ، والعُمْيَانُ ضَالّونَ في ظُلْمِةِ العَمَى (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) . اهـ .
ومما ابْتُدِعَ في يومِ عاشوراءَ : ضَرْبُ الخدودِ ، وشقُّ الجيوبِ ، ودعاوى الجاهليةِ
وهذا لا يأتي به دِينُ الإسلامِ ، بل هذه مِن الْمَنْهِيّاتِ الْمُحرَّماتِ .
قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ , وَشَقَّ الْجُيُوبَ , وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ . رواه البخاري ومسلم .
ولو جازَ ذلك ؛ لَكَان على فَقْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فإنَّ فَقْدَه أعظَمُ مُصيبةٍ .
ولذا قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّمَا أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، أَوْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنْ الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .
فإن قيل : الحسينُ رضي الله عنه قُتِلَ مَظلوما ؟
فيُقال : ليس بأفضلَ مِن أبيه رضي اللهُ عنهما ، وقد قُتِلَ عليٌّ رضي الله عنه مَظلوما .
الدّرسُ الثامِن :
استحبَابُ صِيامِ يومِ عاشوراءَ ، ولو أنْكَرَه بعضُ أهْلِ العِلْمِ ؛ فإنَّ العِبْرَةَ بِقولِ المعصومِ صلى الله عليه وسلم .
سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَال : يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ . رواه مسلم .
قال النوويُّ : اتفقَ العلماءُ على أنَّ صومَ يومِ عاشوراءَ اليومَ سُنَّةٌ ليس بواجبٍ . اهـ.
ولا يُعارَضُ قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِقولِ غيرِهِ مِنَ الناسِ .
قال ابنُ القيِّمِ : وإنما يُسألُ الناسُ في قبورِهم ويومَ مَعَادِهم عنِ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلمَ ؛ فيُقالُ له في قَبْرِه : ما كنتُ تَقولُ في هذا الرَّجُلِ الذي بُعِثَ فيكم ؟ (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) ، ولا يُسألُ أحدٌ قَطُّ عن إمامٍ ولا شيخٍ ولا مَتْبُوعٍ غَيرُه ، بَل يُسألُ عَمّن اتّبَعَه وائتَمَّ به غَيرُه ، فلينظرْ بِمَاذا يُجِيبُ ؟ ولْيُعِدَّ للجَوَابِ صَوَابا .
وقال أيضا : قال أبو العاليةِ : كَلِمَتانِ يُسألُ عنهما الأوّلُون والآخِرُون : ماذا كُنتم تَعبدون ؟ وماذا أجَبْتُم المرسلين ؟ . اهـ .
الدّرسُ التاسِع : في بَقاءِ الأُمَمِ إذا أطَاعَتْ وشَكَرتْ ، وذهابِها وزَوالِها إذا كَفَرَتْ وعَتَتْ .
قال اللهُ عزّ وجَلّ : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا) .
وقال اللهُ جلّ جلالُه عن بني إسرائيلَ : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) .
وقال في شأن قريش : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) .
الدرسُ العاشِر : مِن دُروسِ يومِ عاشوراءَ : أنه لا يُغنِي حَذَرٌ مِن قَدَرٍ
قال ابنُ إسحاقٍ : ذُكِرَ لِي أَنَّهُ لَمَّا تَقَارَبَ زَمَانُ مُوسَى أَتَى مُنَجِّمُو فِرْعَوْنَ وَحُزَاتُهُ إِلَيْهِ ، فَقَالُوا لَهُ : تَعْلَمُ أَنَّا نَجِدُ فِي عِلْمِنَا أَنَّ مَوْلُودًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُهُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ، يَسْلُبُكَ مُلْكَكَ وَيَغْلِبُكَ عَلَى سُلْطَانِكَ، وَيُخْرِجُكَ مِنْ أَرْضِكَ، وَيُبَدِّلُ دِينَكَ . فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ ، أَمَرَ بِقَتْلِ كُلِّ مَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْغِلْمَانِ، وَأَمَرَ بِالنِّسَاءِ يُسْتَحْيَيْنَ . رواه ابن جرير في ” تفسيره ” .
ورَوَى ابنُ جريرٍ عَنِ السُّدِّيِّ أنه قَالَ: كَانَ مِنْ شَأْنِ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّ نَارًا أَقْبَلَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى اشْتَمَلَتْ عَلَى بُيُوتِ مِصْرَ، فَأَحْرَقَتِ الْقِبْطَ وَتَرَكَتْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَخْرَبَتْ بُيُوتَ مِصْرَ، فَدَعَا السَّحَرَةَ وَالْكَهَنَةَ وَالْعَافَةَ وَالْقَافَةَ وَالْحَازَةَ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ رُؤْيَاهُ ، فَقَالُوا لَهُ : يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ الَّذِي جَاءَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْهُ، يَعْنُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، رَجُلٌ يَكُونُ عَلَى وَجْهِهِ هَلاكُ مِصْرَ. فَأَمَرَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ لا يُولَدَ لَهُمْ غُلامٌ إِلاَّ ذَبَحُوهُ ، وَلا تُولَدُ لَهُمْ جَارِيَةٌ إِلاّ تُرِكَتْ.
وقَرِيبٌ مِنه : ما جاءَ في خَبَرِ عَظيمِ الرّومِ “هِرَقْل ” ، وفيه :
وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ : قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ ، قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ : وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ : إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلاّ اليَهُودُ ، فَلاَ يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ اليَهُودِ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لاَ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ : هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن الأثير : الحَزَّاء والْحَازِي : الَّذِي يَحْزِرُ الأَشْيَاءَ ويُقَدّرها بظَنِّه . يُقَالُ : حَزَوْتُ الشىءَ أَحْزُوهُ وأَحْزِيهِ . وَلِلَّذِي يَنْظُر فِي النُّجوم حَزَّاء ؛ لأَنَّهُ يَنْظُرُ فِي النُّجوم وأحْكامِها بظَنِّه وَتَقْدِيرِهِ فربَّما أَصَابَ . اهـ .
الدرسُ الحادِي عَشَر : أن مَن اعْتَزّ بِغيرِ الله ذَلّ
قال الله تبارك وتعالى : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)
قال القرطبيُّ في تفسيرِه : مَن اعتَزّ بِالعبدِ أذلّه اللَّهُ ، وَمَنِ اعْتَزَّ بِاللَّهِ أَعَزَّهُ اللَّهُ . اهـ .
وقال الزمخشري : الْمَذَلَّةُ والْهَوَانُ للشَّيْطَانِ وذَوِيه مِن الكَافِرِينَ والْمُنَافِقِين . اهـ
لقد اعْتَزَّ فِرعونُ بِالكثرةِ ، وبأنّ أنهارَ مِصْرَ تَجْري مِن تَحته ، فأخْرَجَه اللهُ منها ذليلا صاغِرا .. وأغْرَقه في الماء الذي كان يَزعمُ أنه يَمْلِكُه !
وأوْرَث الله بني إسرائيلَ ما كان فيه فرعون : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ) ، فما كان لِفِرْعونَ مِن عزاء ، ولا كان عليهم مِن باكٍ .. (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) .
وقد خَتَم الله سورةَ غافِر التي فيها ذِكْرُ قصةِ موسى وفرعون بِقَولِه : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ) .
الدرسُ الثاني عَشَر : أن هذا الشهر عظيم ، وفيه يومٌ مِن أيامِ الله تعالى .
ولَمّا حَجَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ . رواه البخاري ومسلم .
قال الخطّابي : معنى هذا الكلام : أن العربَ في الجاهليةِ كانت قد بَدّلَتْ أشْهُرَ الْحُرم ، وقَدّمَتْ وأخّرَتْ أوقاتَها مِن أجلِ النّسِيء الذي كانوا يَفْعَلُونه … واستمرَّ ذلك بهم حتى اختَلطَ ذلك عليهم وخَرَجَ حِسابُه مِن أيدِيهم ؛ فكانوا ربما يَحُجُّون في بعضِ السنينَ في شهرٍ ويَحُجّون مِن قابِل في شهرٍ غيرِه ، إلى أن كان العام الذي حَجَّ فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فصادَفَ حَجُّهم شهرَ الحجِّ المشروع ، وهو ذو الْحِجّة ، فوَقَفَ بِعَرَفة اليوم التاسِعِ مِنه ، ثم خَطَبَهُم فأعلَمَهم أن أشهرَ النسيء قد تَنَاسَخَت بِاسْتِدَارةِ الزمان ، وعاد الأمرُ إلى الأصل الذي وَضَعَ اللهُ حسابَ الأشهرِ عليه يومَ خَلَقَ السماواتِ والأرض ، وأمَرَهُم بِالْمُحَافَظَةِ عليه لئلا تَتَغَيّر أو تَتَبَدّل فيما يُسْتَأنَف مِن الأيام . فهذا تَفسيرُه ومَعنَاه . اهـ .
الدرسُ الثالثَ عَشَر : أنه عندَ الشدائد ، تَظهرُ الْحَقائق
سَحَرَةُ فِرْعون آمنوا لَمّا رأوا بُطلانَ سِحرِهم .
وفِرْعَون آمَن حينما أدركَه الغَرق
(حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آَلآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) .
وتِلْكَ الحقيقة التي طالَمَا جَحَدُوها وأخْفَوْها : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) .
الدرسُ الرابع عَشَر : أن الإنسان لو كان أعْدَل مِن السَّهْم لَوَجَد مَن يَقْدَح فيه ؛ فإن موسى عليه الصلاة والسلام واجَه النقّد والتجريح مِن أتْباعِه وأعدائه .
قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه : ما مِن امْرئ عليه مِن نِعم الله إلاّ وله عليها مِن الناس حاسِد ، ولو أن المرْء أقْوم مِن القِدْح لَوَجَد له غامِزا . (كَنْز العُمّال)
وفي التَّنْزِيل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كانت بنو إسرائيل يَغتسلون عُراة يَنظر بعضهم إلى بعض ، وكان موسى يَغتسل وَحْده ، فقالوا : والله ما يَمنع موسى أن يغتسل مَعنا إلاّ أنه آدَر ! فذَهب مَرّة يَغتَسل فَوَضع ثَوبه على حَجَر ، فَفَرّ الْحَجَر بِثوبه ، فخَرج موسى في إثْره يقول : ثَوبي يا حَجَر ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى ، فقالوا : والله ما بِمُوسى مِن بأس ، وأخذ ثوبه ، فطَفِق بِالْحَجَر ضَربا . فقال أبو هريرة : والله إنه لَنَدَب بِالْحَجَر سِتة أو سَبعة ضَرْبا بِالْحَجَر . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : إن موسى كان رَجُلا حَيِيّا سِتّيرًا ، لا يُرى مِن جِلده شيء استحياء منه ، فآذاه مَن آذاه مِن بني إسرائيل فقالوا : ما يَستَتِر هذا التستر إلاّ مِن عَيب بِجِلْدِه : إما بَرَص وإما أُدْرَة وإما آفَة ، وإن الله أراد أن يُبْرئه مما قالوا لموسى ، فَخَلا يوما وَحْده ، فوَضَع ثيابه على الْحَجَر ، ثم اغتسل ، فلما فَرَغ أقبل إلى ثيابه ليَأخذها ، وإن الْحَجر عَدَا بِثَوبه ، فأخذ موسى عصاه وطَلَب الْحَجَر ، فجَعَل يقول : ثَوبي حَجَر، ثَوبي حَجَر ، حتى انتهى إلى ملأٍ مِن بني إسرائيل ، فرَأوه عُريانا أحسن ما خَلْق الله ، وأبْرَأه مما يَقولون ، وقام الْحَجَر ، فأخذ ثَوبه فَلَبِسَه .
الدرسُ الخامس عَشَر : أن الحقّ مهما كان بَيِّنًا واضِحًا ؛ فسيُوجَد مَن يُشكِّك فيه ، ويَطعَن في حَمَلَتِه ؛ فموسى عليه الصلاة والسلام كَلِيم الله ، وقد أيّده الله بالآيات البيّنات ، والدلائل السّاطِعات والْحُجج الباهِرات (فِي تِسْعِ آَيَاتٍ) ، ومع ذلك : اتَّهَمه فِرْعون بأنه يُريد أن يُبدِّل الدِّين ! وأن يُظهِر في الأرض الفساد !
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ)
واتّهَمه الملأ مِن قَوم فِرْعون بأنه يُريد الْحُكم !
(قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ)
قال ابن كثير : (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ) أي : الْعَظَمَةُ وَالرِّيَاسَةُ . اهـ .
الدرسُ السادس عَشَر : أن أكثر الأُمم ذِكْرا في القرآن : هُم بَنو إسرائيل ؛ لأن هذه الأمّة أشبَه الأمم بها ، وأن هذه الأمّة ستأخذ مأخَذ بني إسرائيل .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : أنتم أشْبه الأُمم ببني إسرائيل سَمْتًا وهَدْيًا تَتّبِعُون عَمَلهم حَذْو القُذّة بِالقُذّة غير أني لا أدري أتَعبدون العِجل أم لا ؟!
(معالِم التّنْزِيل : تفسير البغوي) .
وقال ابن كثير : وكَثيرا ما يَذكُر الله تعالى قصة موسى عليه السلام مع فرعون في كتابه العزيز ؛ لأنها مِن أعجب القصص . اهـ .
وحتى قيل : كَادَ الْقُرْآن أن يَكُونَ عن بني إسرائيل .
الدرسُ السابعَ عَشرَ :
أن طبيعة هذه الحياةِ : النّكَدُ ، كما قال ربُّ العِزّةِ سبحانه : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ) ، فمنذ مولدِ نبيِّ الله موسى عليه الصلاة والسلام وهو في عناءٍ وكَبَدٍ : يُلقَى في تابوتٍ صغيرٍ في البحرِ ، ثم خرَجَ مِن أرضِ مصرَ خائفا يترقّبُ ، وانطلقَ إلى أرضِ الشامِ .
قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما : لقد قالَ موسى : (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) وهو أكرمُ خَلْقِه عليه ، ولقدِ افتقرَ إلى شِقِّ تَمْرةٍ .
وقال : وَرَدَ الْمَاءَ وَإِنَّهُ لَيُتَرَاءَى خُضْرَةُ الْبَقْلِ فِي بَطْنِهِ مِنَ الْهُزَالِ . رواه ابنُ جريرٍ في ” تفسيره ” .
الدرسُ الثامنَ عَشرَ :
أنه لا غِنَى عن اللِه طَرْفَة عينٍ .
قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : دَعَوَاتُ المَكْروبِ : اللهم رحمتَك أرجو ، ولا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفَةَ عَيْن ، وأصلِحْ لي شأني كلَّه ، لا إله ألا أنت . رواه الإمام أحمد و البخاري في “الأدب المفرد” وأبو داود ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمةَ رضي الله عنها : ما يمنعُك أن تسمعي ما أُوصيك به ، أو تقولي إذا أصبحتِ وإذا أمسيتِ : يا حيُّ يا قيومُ بِرَحْمَتِك أستغيث أصلِحْ لي شأني كلَّه ولا تَكِلْنِي إلى نفسي طرفةَ عينٍ . رواه النسائي في الكبرى . وقال الهيثمي : رواه البزار ورجالُه رجالُ الصحيحِ غيرَ عثمانَ بنَ مُوهب ، وهو ثقةٌ .
وقال الألباني : سنده حسن .
قال الحسن البصريُّ لِعُمَرَ بنِ هبيرةَ : يا عمرُ بنُ هبيرةَ إن تَتّقِ اللهَ يَعصِمْك مِن يزيدِ بنِ عبدِ الملكِ ، ولا يعصمُك يزيدُ بنُ عبدِ الملكِ مِنَ اللهِ عزّ وَجَلّ . رواه أبو نُعيم في ” حلية الأولياء ” .
ولذلك لَمّا ذَكَر اللهُ عزّ وجَلّ قصصَ الأممِ في سُورةِ هُودَ ، وخَتَم تلك القصصَ بِقصةِ موسى عليه الصلاة والسلام ، قال : (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) .
الدرسُ التاسعَ عَشَرَ :
أن عَمَلَ المسلمِ يَدخُلُه الاحتسابُ وطلَبُ الأجرِ مِنَ اللهِ ، ولذا قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : صيامُ يومِ عاشوراءَ أحتسِبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السَّنَةَ التي قَبْله . رواه مسلم .
ويستحضِرُ المسلمُ مع ذلك : حُسنَ الاقتداءِ بالأنبياءِ عليهم الصلاة والسلام ؛ فإنَّ حُسنَ الاقتداءِ مِنْ أوضحِ دلائلِ المحبةِ ، كما قال اللهُ تبارك وتعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
الدرسُ العشرون :
أنَّ مواسِمَ الخيراتِ : أوقاتُ نَفَحَاتٍ ، وفي حديثِ أنسٍ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ : افعلوا الخيرَ دَهرَكم ، وتَعَرَّضُوا لنفحاتِ رحمةِ اللهِ ، فإنَّ للهِ نفحاتٍ مِن رحمتِهِ يُصيبُ بها من يشاءُ مِن عبادِه ، وسَلُوا اللهَ أنْ يَسترَ عوراتِكم ، وأنْ يُؤمِّن روعاتِكم . رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في ” شُعبِ الإيمانِ ” والبغويُّ في ” شرح السنة ” . وقال الهيثمي : رواه الطبراني ، وإسناده رجالُه رجالُ الصحيحِ ، غيرَ عيسى بنَ موسى بنِ إياس بنِ البكيرِ ، وهو ثقة . وحسّنه الألباني بِمجموع طُرُقه .ورَواه ابن أبي شيبة وأبو نُعيم في ” الحِلية ” مِن قول أبي الدرداء رضي الله عنه .
عاشوراء 1441 هـ .