حُـكم قول : ( في مستقر رحمته )
يقول بعض الناس عن الميت أو :
وجمعنا به في مستقر رحمته .
وربما يُقال للحَيّ :
وجمعنا بك في مستقر رحمته .
وهذا القول لا يخلو من ملحظ .
روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي الحارث الكرماني قال : سمعت رجلا قال لأبي رجاء : أقرأ عليك السلام وأسأل الله أن يجمع بيني وبينك في مستقر رحمته . قال : وهل يستطيع أحد ذلك ؟ قال : فما مستقر رحمته ؟ قال : الجنة . قال : لم تُصِب . قال : فما مستقر رحمته ؟ قال : رب العالمين .
وصحح إسناده الشيخ الألباني – رحمه الله – في صحيح الأدب المفرد ( ص 286 ) وقال في الحاشية : وهذا الأثر عنه – أي عن أبي رجاء العطاردي – يدل على فضله وعلمه ، ودقة ملاحظته ، فإن الجنة لا يمكن أن تكون مستقر رحمته تعالى ؛ لأنـها صفة من صفاته ، بخلاف الجنة فإنـها خلق من خلق الله ، وإن كان استقرار المؤمنين فيها إنما هو برحمته تعالى ، كما في قوله تعالى : ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) يعني الجنة . اهـ .
أحببت التنبيه على هذه الكلمة لأنها تكثر على بعض الألسنة .والأولى أن يُـقال – مثلاً – جمعنا الله به في دار كرامته ، ونحوها .
وهذا القول قال به أبو رجاء العطاردي ، وهو تابعي . وقال به الإمام الجهبذ الجبل إمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري ، وقال به محدّث الديار الشامية الشيخ الألباني
والقول إذا دار بين المنع والإباحة ؛ قُدِّم المنع ؛ لأن الحظر مُقدَّم على الإباحة ، كما في الأصول .
والله يحفظكم ويرعاكم .
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم