جارات أسماء .. نِسوة صِدق
نِعْم النساء نساء الأنصار
امتدحتهن المهاجرات الأُوَل
قالت عائشة رضي الله عنها : نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين . رواه مسلم .
هُنّ جارات صِدق لمن جاورهن
يُساعدن من احتاجت للمساعدة
هذه أسماء بنت أبي بكر – ذات النطاقين – تقول : تَزَوّجَني الزّبَير وما لـه في الأرضِ مِنْ مال ولا مَمْلوك ولا شيء غيرَ ناضح وغير فَرَسِهِ ، فكنتُ أعلِفُ فرسَه ، وأستقي الماء ، وأخرِزُ غَربَهُ وأعجِن ، ولم أكن أُحسِنُ أخبز ! وكان يَخبزُ جاراتٌ لي من الأنصار ، وكـنّ نِسـوَةَ صـِدق ، وكنتُ أنقل النّوَى من أرض الزّبير التي أقطَعَهُ رسولُ صلى الله عليه وسلم على رأسي ، وهي مِنِّي على ثُلثَي فَرسَخ ، فجِئتُ يوماً والنّوَى على رأسي ، فلقيتُ رسولَ صلى الله عليه وسلم ومعهُ نَفَرٌ من الأنصار ، فدَعاني ثم قال : إخْ إخ ، ليحمِلَني خَلفَه ، فاستحيَيتُ أن أسيرَ معَ الرّجال ، وذكرتُ الزّبيرَ وغَيرَتَه ، وكان أغيَرَ الناس ، فَعَرَفَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أني قد استحييتُ فمضى ، فجئتُ الزّبيرَ فقلتُ : لَقيَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النّوَى ومعهُ نفرٌ من أصحابه ، فأناخَ لأركبَ ، فاستَحييتُ منه وعرَفتُ غَيرتَك ، فقال : والله لَحملُكِ النّوى كان أشدّ عليّ من ركوبِك معه ، قالت : حتى أرسلَ إليّ أبو بكر بعدَ ذلك بخادم تَكفيني سِياسةَ الفَرَس ، فكأنما أعتَقَني . رواه البخاري ومسلم .
هذه رافدة رحلة الهجرة
بل هذه من كانت تنقل المؤن لركب الهجرة المبارك
هذه ذات النطاقين التي افتخرت بهذه التسمية إذ كانت بسبب خدمة النبي صلى الله عليه وسلم وخدمة أبيها قبيل الهجرة ، فكانت تنقل لهم الطعام .
كانت تعمل بيدها في أرض زوجها ومزرعته
بل كانت تنقل علف الدابة على رأسها من مسافة
وكانت هي التي تطلب الماء
وتخرز بيدها غَرب الماء
وتعجن العجين
أما الخبز فلم تكن تُحسنه !
وهذا ما دعا جاراتها من نساء الأنصار أن يَخبزن لها
فلم يمنعهن أنها تعمل بيدها أو أنها في بيت مستقل أن يكنّ عونا لها
فلم يقلن : لِتتعلّم كيف تخبز !
ولم يقلن : شؤون بيوتنا أولى من شؤون بيتها !
لقد كان ذلك المجتمع متماسكاً متآلفاً تسوده روح الألفة والمودة والتعاون والمحبة الصادقة
ويكفي في وصْفِهِ تعبير أسماء رضي الله عنها : وكـنّ نِسـوَةَ صـِدق .
أما اليوم – وقد انفتحت الدنيا على الناس – فنجد أن هناك من تبخل بالرأي والمشورة فضلا عن الفعل أو الإعانة !
كما أن هناك من يبخل أيضا برأيه ومشورته أو بنصحه ومقولته !
وربما كان البُخل في طبخة أو وصفة !
وهذا ربما كان غاية في البخل !
والعُذر في ذلك : لا أريد أن يكون فلان أو فلانة أحسن منّي !
أو لا أريد أن يعرف الناس ما أعرفه أنا !
حب الذّات غدا مُقدّمـاً في زمن اللذّات !
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم