بُشريات الفجر
بَشّر الله عَزّ وَجَلّ عِباده . فقال تبارك وتعالى : (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) .
وأمر الله عَزّ وَجَلّ رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُبشّر المؤمنين ، فمن ذلك : قوله تعالى : (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) ، وقوله تبارك وتعالى : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا)
وقوله عَزّ وَجَلّ : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ) .
بُشريات الفجر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بَشِّر الْمَشّائين في الظُّلَم إلى المساجد بِالنّور التام يوم القيامة . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
لَمّا مشى القوم في ظُلمات الدنيا ، عَوّضهم الله بِنورٍ تامّ أحوج ما كَانوا إلى النور ، وذلك يوم القيامة .
بُشريات الفجر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رَكْعَتَا الفَجر خير مِن الدنيا وما فيها . رواه مسلم .
رَاتِبة الفَجر خير مِن الدنيا وما فيها ، فما الظنّ بالفَريضَة ، وهي أعظَم ؟
والتقرّب بالفريضة أعظم وأفضل مِن التقرّب بالنافلة .
وفي الحديث القدسي : وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ . رواه البخاري .
رَكعتا الفجر هُما : التّسبيح إدبار النجوم
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ)
روى ابن جرير بإسناده إلى عليّ رضي الله عنه أنه قال فِي قَوْلِه : (وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) قَالَ : الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ .
وروى بإسناده إلى ابْنِ عَبَّاسٍ : قَوْلَهُ : (فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) قَالَ : هُمَا السَّجْدَتَانِ قَبْلَ صَلاةِ الْغَدَاةِ .
بُشريات الفجر
أن مَن صلّى الفجر فهو في ذِمّة الله وحِفظه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن صلّى الصّبْح فهو في ذِمّة الله ، فلا يَطلبنّكم الله مِن ذِمّته بِشيء فيُدْرِكه فَيَكبّه في نار جهنم . رواه مسلم .
قال عطاء بن السائب : دفع الحجاج إلى سالم بن عبد الله سَيفًا وأمَرَه بِقَتْل رَجُل ، فقال سالم للرّجُل : أمُسْلِم أنت ؟ قال : نعم ، امْضِ لِمَا أُمِرْت به ، قال : فَصَلّيت اليوم صلاة الصبح ؟ قال : نعم ، قال : فَرَجَع إلى الحجاج ، فَرَمَى إليه بِالسّيف ، وقال : إنه ذَكَر أنه مُسْلِم ، وأنه قد صَلّى صلاة الصبح اليوم ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مَن صَلّى صلاة الصبح فهو في ذمة الله . قال الحجاج : لَسْنَا نَقْتُله على صلاة الصبح ، ولكنه ممن أعان على قَتْل عثمان ، فقال سالم : ها هنا مَن هو أولى بِعُثمان مِنِّي ، فبلغ ذلك عبد الله بن عمر ، فقال : ما صنع سالم ؟ قالوا : صنع كذا وكذا ، فقال ابن عمر : مُكَيَّس مُكَيَّس . (الطبقات الكبرى ، لابن سعد ، وتاريخ دمشق ، لابن عساكر)
بُشريات الفجر
صلاة الفجر علامة على صِحّة الإيمان وصِدق العَزِيمَة .
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كُنّا إذا فَقَدْنَا لإنسان في صلاة العشاء الآخرة والصُّبح أسأنَا به الظّن . رواه ابن أبي شيبة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه ورواه البيهقي في الكبرى .
بُشريات الفجر
مَن حافَظ على صلاة الفَجر والعصر دَخَل الجنة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن صَلّى البَرْدَيْن دَخَل الجنة . رواه البخاري ومسلم .
والبَرْدَان : هُما الفجر والعصر ؛ فَمَن حافَظ عليهما فهو لِمَا سِوَاهُمَا أشدّ محافَظَة .
قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه : كُنّا عند النبي صلى الله عليه وسلم فَنَظَر إلى القمر ليلة البَدر ، فقال : إنكم سَتَرَون ربكم كما تَرون هذا القَمر لا تَضَامُّون (تُضامُون) في رُؤيته ، فإن استطعتم أن لا تُغلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعَلوا ، ثم قرأ : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) رواه البخاري ومسلم .
قال ابن رجب : هذا الحديث نصّ في ثبوت رؤية المؤمنين لِرَبّهم في الآخرة … وقد أجمع على ذلك السلف الصالح مِن الصحابة والتابعين لهم بإحسان مِن الأئمة وأتباعهم … واتفق السلف الصالح على تَلقّي هذا الحديث بالقبول والتصديق …
وقد قيل في مناسبة الأمر بالمحافظة على هاتين الصلاتين عقيب ذِكْر الرؤية : أن أعلى ما في الجنة رُؤية الله عزّ وجلّ ، وأشْرَف ما في الدنيا مِن الأعمال هاتان الصلاتان ، فالمحافظة عليهما يُرجَى بها دخول الجنة ورُؤية الله عزّ وجلّ فيها .
وقال : ويَظهر وَجْه آخر في ذلك ، وهو : أن أعلى أهل الجنة مَنْزِلة مَن ينظر في وَجه الله عزّ وجل مرتين : بُكرة وعَشِيّا ، وعموم أهل الجنة يَرونه في كل جمعة في يوم الْمَزِيد . اهـ .
قال ابن القيم عن أهل الجنة :
هذا وأعلاَهُم فنَاظِر ربّه … في كل يوم وَقَته الطَّرَفان
بُشريات الفجر
صلاة الفَجر تَحضُرها الملائكة ، والسؤال في الملأ الأعلى عن أهل الفَجر .
قال الله عَزّ وَجَلّ : (وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : الملائكة يتعاقبون ؛ ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر والعصر ثم يَعرُج إليه الذين بَاتُوا فيكم ، فيسألهم – وهو أعلم – فيقول : كيف تَرَكْتُم عبادي ؟ فيقولون : تَرَكْنَاهم يُصَلّون ، وأتَينَاهُم يُصَلّون . رواه البخاري ومسلم .
بُشريات الفجر
طِيب النّفْس والنشاط ، والسلامة مِن خُبث النفس لَمَن صلّى الفَجر .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يَعقد الشيطان على قَافِيَة رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقَد ، يَضْرِب كُلّ عُقْدة : عليك ليل طويل فارْقُد ! فإن استيقظ فَذَكَر الله انْحَلّت عُقْدة ، فإن تَوضّأ انْحَلّت عُقْدة ، فإن صَلّى انْحَلّت عُقْدة ؛ فأصبح نشيطا طيب النفس ، وإلاّ أصبح خَبِيث النّفْس كَسْلان . رواه البخاري ومسلم .
بُشريات الفجر
أمان مِن تسلّط الشيطان وأذاه .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ذُكِر عند النبي صلى الله عليه وسلم رَجل ، فقيل : ما زال نائما حتى أصبح ما قام إلى الصلاة ، فقال : بَالَ الشيطان في أُذُنِه . رواه البخاري ومسلم .
قال القاضي عياض : ولا يَبعُد أن يكون على ظاهِره قال : وخَصّ الأُذن ؛ لأنها حاسّة الانتباه . اهـ .
صَلّيت صلاة الفجر يوم الأحد 19 رمضان من هذا العام 1439 هـ في جامع مركز خادم الحرمين في ” ياوندي ” عاصمة الكاميرون ، فكان عدد الْمُصلّين يَسرّ النفس ، خاصة في صلاة الفجر ، وهذا ليس بِغريب على أفريقيا .. يُصلّي في هذا الجامع الكبير 9 صفوف في صلاة الفجر وهُم كذلك في صلاة التراويح والقيام .
لَمّا صلّيت في ذلك الجامع ورأيت ما يَسرّ .. كانت هذه الكلمات والبُشرَيات ..
والله تعالى يتولاّك .
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم
ياوندي – رمضان – 1439 هـ .