إني أُحِبُّ أن أُشكَر…
قال أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه في قوله عز وجل : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ )
قال : جَمَعَهم له يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة ، فجعلهم أرواحا ثم صوّرهم واستنطقهم فتكلّموا وأخذ عليهم العهد والميثاق ، وأشهدهم على أنفسهم : ألستُ بِرَبّكم ؟ قالوا : بلى ، شهدنا .
قال : فإني أُشْهِد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع وأُشْهِد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة : لم نعلم ، أو تقولوا : إنا كنا عن هذا غافلين ، فلا تشركوا بي شيئا ، فإني أرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي .
فقالوا : نشهد إنك ربنا وإلَهنا لا ربّ لنا غيرك ولا إلَه لنا غيرك ، ورُفع لهم أبوهم آدم فنظر إليهم ، فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة وغير ذلك ، فقال : رب لو سوّيت بين عبادك . فقال : أني أُحب أن أُشكر . رواه الحاكم في المستدرك وجاء هذا المعنى عن الحسن رحمه الله عند ابن أبي شيبة وعند البيهقي في ” شعب الإيمان ” .
تذكرت هذا المعنى ( أني أُحب أن أُشكر ) وأنا في المسجد، إذ جاء رجل يزحف على مقعدته ، حتى وصل إلى الإمام فكلمه قليلاً ثم أخذ يزحف باتجاه الصف الأول ليَمرّ مِن أمام المصلين ، فإذا هو رثّ الهيئة ، وقد بُـتِـر أحد ساقيه ..
وكان إلى جواري رجل كبير في السن فلما رآه أخرج له مبلغا من المال ، فلما أعطاه إياه وانصرف عنه ذلك السائل بكى ذلك الرجل الذي كان إلى جواري ، ثم سمعته يحمد الله ويشكره .
هل تأملنا في أصحاب البلاء وأصحاب العاهات فحمدنا الله على ما نحن فيه من نعماء ؟
فقد قال عليه الصلاة والسلام : من رأى صاحب بلاء فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ، إلا عوفي من ذلك البلاء ، كائنا ما كان ما عاش . رواه الترمذي وابن ماجه
وعند الترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعاً : مَن رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ، لم يصبه ذلك البلاء .
قال أبو جعفر محمد بن علي : إذا رأى صاحب بلاء ، فتعوّذ منه يقول ذلك في نفسه ، ولا يُسمع صاحب البلاء .
قال علماؤنا : إذا كان البلاء نحو مرض أو عاهة فإنه يتعوّذ في نفسه لئلا يؤثر في نفس المريض أو المبتلى ، وإن كانت معصية كشرب خمر أو تعامل بالربا ونحو ذلك ، فإنه يتعوّذ مما وقع فيه لأنه أبلغ في نفسه إذا سمع الناس يتعوّذون بالله مما ابتلي هو به .
هل فكّرنا أننا في عافية ؟
نقوم ونقعد
ننام وننهض
نذهب حيث شئنا
لا نحتاج إلى مساعدة أحد
هذه نِـعـم تحتاج مِـنّـا إلى شكر بل على مزيد شكر
قال أبو الدرداء رضي الله عنه : كم مِن نعمة لله في عرق ساكن .
كيف لو اضطرب ذلك العِرق أو تحرّك ؟
هل يهدأ لك بال ؟
هل ترتاح بنوم ؟
قليل من يتأمل في نعم الله عليه التي لا تُعـد ولا تُحصى .
فاللهم ارزقنا شُكر نِعمك
وأعِـنّـا على ذِكرك وشكرك وحسن عبادتك
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم