إذ صاح فيهم الشيطان
الإشـاعـة بضاعة شيطانية – كما سيأتي –
وكنت كتبت موضوعاً عن الإشاعة
فرأيت إدراجه هنا على حلقات .
تعريف الإشاعة :
قال ابن منظور في لسان العرب : شاعت القطرة من اللبن في الماء و تشيّعت تفرقت … وشيع فيه أي تفرق فيه ، وأشاع ببوله إشاعة حذف به وفرّقه ، وأشاعت الناقة ببولها واشتاعت وأوزغت وأزغلت كل هذا أرسلته متفرّقا ورمته رمياً وقطعته ، ولا يكون ذلك إلا إذا ضربها الفحل . قال الأصمعي : يُقال لما انتشر من أبوال الإبل إذا ضربها الفحل فأشاعت ببولها : شاع . انتهى كلامه .
وقال في مادة ( نمم ) : النمّ : التوريش والإغراء ورفع الحديث على وجه الإشاعة والإفساد .ويكفي في ذم الإشاعة أنها مأخوذة من هذا الأمر !إذاً فالإشاعة هي نقل الكلام من غير تثبّت وبثّـه وتفريقه دون ضابط أو قيد .
والإرجاف نوع من أنواع الإشاعات :
قال عز وجل : ( لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً )
وربما تسبب الإرجاف والشائعات في هزيمة الجيوش .
دوافع الإشاعة :
يدفع مُروّجي الإشاعات عدّة دوافع ، أرى أنها تتخلص في :
1 – تحسين القبيح ، وتغيير الحقائق .
2 – تنفير الناس من المصلحين ، وذلك بتشويه سمعة الصالحين ، والطعن في طُهر الطاهرين .
3 – إسقاط رموز الأمة .
4 – خذلان الجيوش ، وفتّ عضد الأمة .
5 – التساوي في السقوط في الرذيلة !
6 – إزجاء المجالس بالأحاديث الغريبة التي لم يسمع بها أحد !
تاريخ الإشاعة :
يُعدّ أول من روّج الإشاعات الكاذبة تحت مُسميات برّاقة ، وتغطيتها بستور شفافة ، وبتغيير المُسمّيَات لتحسين القبيح – يُعد أول من فعل ذلك – إبليس !
تأمل كيف دخل إبليس على آدم وزوجه ؟
( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُور فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ )
من أين أتى إبليس ؟ ومن أين دخـل عليهما ؟
من باب تُحبه النفوس .
من باب الخلد في الدنيا والملك فيها .
ومِن باب تغيير المسمّيات وتبديل الحقائق والترويج لبضاعته عن طريق تلميع ما يدعو إليه !
بل أقسم وحَلَف انه لا يُريد إلا الخير ، وأنه من الناصحين !
وتغيير الأسماء لا يُغيّر المُسمّيات ، ولا يُبدّل الحقائق .
كما أن هذا الفعل مُتضمّن لما أشرت إليه سابقاً من أسباب الإشاعة ، وهو : التساوي في السقوط في الرذيلة .فإبليس لم يُرِد أن يتفرّد بالشقاوة ، ولا يكون وحيداً في المعصية ، فروّج لما يُريد حتى كان له ما أراد لكنه لم يلبث أن قطع آدم عليه الصلاة والسلام عليه الطريق !
ومن هذا الباب إشاعة الفاحشة في المؤمنين والمؤمنات .ومن هنا قال عثمان رضي الله عنه : ودّت الزانية لو أن النساء كلهن زنين !فربما حملت لواء الإشاعة من سقطت في أوحال الرذيلة ، فأشاعت عن بعض المؤمنين أو المؤمنات أنهم قد سقطوا في أوحال الرذيلة .
ومن هنا جاء النهي عن ” قذف المحصنات المؤمنات الغافلات ” وعُـدّ من السبع الموبقات كما في الصحيحين .
ثم تَبِع إبليس على ذلك مَنْ سار على دربه واقتفى أثره !
فأشاع من مُجرمي الأمم ما أشاعوه ضد أنبياء الله وأوليائه ، وما ذلك إلا لتنفير الناس منهم ومِن قبول دعوتهم .
أشاعوا أن الأنبياء سُفهاء ! وأنهم سَحَرَة ، وأنهم كَذَبَة … إلى غير ذلك مما هو معلوم .
فقد قال الملأ من قوم نوح لِنوح عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَل مُّبِين )
وقالت عادٌ لنبي الله هود عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَة وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ )
وهذا يوسف عليه الصلاة والسلام يتعرّض لحملة إعلامية مُغرِضة !
تقول امرأة العزيز : ( مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) فيُظهر الله براءته ولكنه يُسجن ، ثم تثور حملة إعلامية أخرى على امرأة العزيز ليُظهر الله براءته مرة أخرى أمام المجتمع الذي ثارت فيه تلك الشائعة !
( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَل مُّبِين )
فتُريد أن تُفنّد ما أُشيع حولها ، وتُعذر من نفسها ، وتُبيّن ما حملها على ذلك ، فتردّ الشائعة بمكر ودهاء ! وتؤكد إشرارها على مطلبها ، وإن كان غير شرعياً !
( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَة مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ )
وهكذا تعرّض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلى مَن يُروّج ضدّهم الإشاعات ويتقوّل عليهم الأقاويل .
ولليهود نصيب من ذلك ! بل لهم النصيب الأكبر ، فما مِن نبيّ إلا وأشاعوا عليه ما أشاعوه ، من اتهام له في عرضه أو في دينه أو في أهله .
فقد قالت اليهود عن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام : إنه آدر ! يعني به عيب في أعضائه التناسلية .
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر ! فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ، ففرّ الحجر بثوبه ، فخرج موسى في إثره يقول : ثوبي يا حجر ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى ، فقالوا : والله ما بموسى من بأس ، وأخذ ثوبه ، فطفق بالحجر ضرباً . فقال أبو هريرة : والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر .
وفي رواية : ونزلتْ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا )
وأما نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام فتعرّض للشائعات من قومه ، ومن أعدائه ! فهذا مثال لما تعرّض له من شائعات من قِبل قومه وإليك مثال لما تعرض له من شائعات مِن قبل أعدائه
( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ )
حتى قيل في الأمثال : صار فرعون واعظاً !
واليهود قد ألصقوا التهم ، وروّجوا الشائعات ضد مريم عليها السلام . تأمل ما حكاه الله عز وجل عن بني إسرائيل ( قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْء وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا )
فأظهر الله براءتها وردّ عنها وأسُكتت الشائعات وأُظهرت الحقيقة .
ولا غرو أن يكونوا كذلك ، فهم قَتَلَة الأنبياء !
بل هم من قالوا عن الله عز وجل ما قالوه ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .
هذه إشارات لتاريخ الإشاعة .
ثم صارت الإشاعة عِلماً يُدرّس ، وسلاحاً يُستخدم في الحروب ، وذلك لسرعة انتشاره ، وقوة تأثيره .
آثار الإشاعة :
عندما تثور الشائعات فإنها تُخلّف وراءها آثاراً ربما تكون مُدمّرة ، وربما تكون آثاراً سيئة يبقى أثرها في الناس وعلى الناس .
فمن آثارها :
1- تحطيم معنويات الجيوش ، وهذا يكون في الحروب خاصة .
ولذا أشاع المشركون مقتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد للفتّ في عضد وعزيمة الجيش المسلم .
ففي يوم أُحد انتهى أنس بن النضر – عم أنس بن مالك – إلى عمر وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم ، فقال :ما يجلسكم ؟ قالوا : قد قُتل محمد رسول الله .
قال : فما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ، واستقبل القوم فقاتل حتى قُتل .
2- الصد عن سبيل الله
ولذا حرص المشركون على إشاعة الشائعات والأكاذيب ضد نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وما ذلك إلا للصدّ عن سبيل الله وعن دينه .
فقد كانوا يقولون عنه : إنه ساحر .. كاهن .. شاعر … إلى غير ذلك من الأكاذيب التي يُروّجونها بين الناس .
قال الطفيل بن عمرو : كنت رجلا شاعراً سيداً في قومي ، فقدمت مكة فمشيت إلى رجالات قريش ، فقالوا : إنك امرؤ شاعر سيد ، وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه فإنما حديثه كالسحر فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا ، فإنه فرّق بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وابنه ، فو الله ما زالوا يحدثوني شأنه وينهوني أن أسمع منه حتى قلت : والله لا أدخل المسجد إلا وأنا سادّ أذني . قال : فعمدت إلى أذني فحشوتها كرسفاً ( قطناً ) ، ثم غدوت إلى المسجد فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قائما في المسجد ، فقمت قريبا منه وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله ، فقلت في نفسي : والله إن هذا للعجز ، وإني امرؤ ثبت ما تخفى علي الأمور حسنها وقبيحها ، والله لأتسمعن منه ، فإن كان أمره رشداً أخذت منه ، وإلا اجتنبته ، فنزعت الكرسفة ، فلم أسمع قط كلاماً أحسن من كلام يتكلم به ، فقلت : يا سبحان الله ! ما سمعت كاليوم لفظاً أحسن ولا أجمل منه ، فلما انصرف تبعته فدخلت معه بيته ، فقلت : يا محمد إن قومك جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا ، فأخبرته بما قالوا ، وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول ، وقد وقع في نفسي أنه حق ، فاعرض عليّ دينك ، فعرض علي الإسلام فأسلمت . ثم ذكر بقية قصته .
ومن آثار الإشاعة :
3- الطعن في طُهر الصالحين ، ونقاء المصلحين ، والخوض في أعراض عباد الله بغير بيّنة .
ومن هنا استغل المنافقون تخلّف عائشة رضي الله عنها عن الجيش فطعنوا في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أظهر الله براءة عائشة رضي الله عنها بوحي يُتلى إلى يوم القيامة .
فما بال أقوام يخوضون في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطعنون به ؟ بل ويُرددون ما ردده أجدادهم رغم براءة عائشة رضي الله عنها بنصّ كتاب الله عز وجل .
ويتعرّض الـمُصلحون على مرّ التاريخ لشيء من ذلك ، فإنهم إذا أمروا ونهوا أصلح الله بهم ، وربما قطعوا على أقوام شهواتهم ، فلجئوا إلى تشويه سمعتهم ، والطعن في أعراضهم ، وإشاعة الشائعات ضدهم .
ويُقصد من ذلك :
4- إسقاط رموز الأمة ، فلا تثق الأمة بعلمائها ، ولا تصدر عنهم .
وكان أحد المنافقين في بعض المجالس فأخذ يطعن في عرض أحد العلماء المعاصرين ، بل اتهمه أنه أرسل إحدى بناته لتدرس في بلاد الغرب ، وزعم أنه رآها لوحدها هناك !
وكان في المجلس أحد الشيوخ الذين يعرفون ذلك العالم ، فسأله : أمتأكد مما تقول ؟
فرد جازماً : نعم . أنا رأيتها بنفسي !
فرد عليه الشيخ قائلاً للحاضرين : اشهدوا على كذب هذا الرجل ! الشيخ فلان – الذي يتحدث هذا عنه – رجل عقيم !!
فبُهت الذي أشاع الإشاعة !
ومن آثارها :
5- ما يترتب على إثارة الإشاعة من الطعن في أعراض عباد الله
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال . رواه أبو داود .
وقد أدّب الله المؤمنين في مقابل الخوض في حديث الإفك فقال سبحانه وتعالى : ( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ )
موقف الإسلام من الإشاعة :
يرفض الإسلام الإشاعة لما لها من آثار سيئة بين المسلمين ، ويُرخّص فيها في الحرب خذلانا للعدو
قال نعيم بن مسعود الأشجعي رضي الله عنه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق : خذّل عنا ، فإن الحرب خدعة .
والإشاعات مرفوضة ممجوجة .
وقد عاب الله عز وجل على من يُطيّر الأخبار دون توثيق أو تأكد فقال سبحانه وتعالى : ( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً )
وأمر الله عز وجل بالتأكد من الخبر فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )
وقال عليه الصلاة والسلام : بئس مطية الرجل : زعموا . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
كيف يتم التصدي للإشاعة بأسلوب حكيم :
يتم التصدّي للإشاعة بعدة طرق :
1 – توضيح الحقائق وتجليتها للناس .
2 – عدم ترك مجال لإثارة الإشاعة ، ومن هذا الباب قوله عليه الصلاة والسلام لرجلين من الأنصار وقد مرّا به ومعه صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها فقال : على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي . فقالا : سبحان الله يا رسول الله ، وكـبُر عليهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا . رواه البخاري ومسلم .
3 – الابتعاد عن مواطن التّهم .
قال عمر رضي الله عنه : من تعرّض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن .
4 – إحسان الظن بالمسلمين ، والتماس الأعذار لهم .
5 – زيادة الوعي والتحذير من الخوض في أعراض عباد الله .
6 – عدم الالتفات إلى الشائعات ، خاصة إذا كانت من باب التخويف بالذين من دون الله عز وجل .
فقد قال سبحانه وتعالى : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَة مِّنَ اللّهِ وَفَضْل لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْل عَظِيم * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )
فلما لم يلتفتوا إليها بل اعتصموا بالله وتوكّلوا عليه كفاهم الله عز وجل شرّ القوم .
وينبغي أن يُعلم أن الإشاعات باقية إلى قيام الساعة !
فقد جاء في أخبار آخر الزمان ذِكر فتح القسطنطينية قال عليه الصلاة والسلام : فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علّقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم في أهليكم ، فيخرجون ، وذلك باطل . رواه مسلم .
وهذا يدلّ على أن الإشاعة بضاعة شيطانية ، منه بدأت وإليه تعود !
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم